2011مقابلة وول ستريت جورنال

2011-12-02 :: وول ستريت جورنال

وول ستريت جورنال - المترجمون السوريون الأحرار

2011-12-02

برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري، التجمع الرئيسي للمعارضة السورية، يتحدث في منزله في جنوب باريس إلى صحيفة وول ستريت جورنال في لقاء تم يوم الأربعاء، وهذه هي أول مقابلة رئيسية له بصفته رئيساً للمجلس الوطني السوري.

 

* هل تشعر أن هناك زخماً دولياً للاعتراف بالمجلس الوطني السوري، على الرغم من الانتقادات الموجهة للمعارضة السورية لعدم قدرتها على تنظيم صفوفها بسرعة على غرار الشعب الليبي؟

* يعتبر المجلس الوطني السوري اليوم لاعباً أساسياً في بلورة الرأي العام والسياسة الخاصة بكيفية التعامل مع المسألة السورية، فنحن في نقاش مستمر مع أصدقائنا الذين بدورهم يستشيروننا ويطلبون رأينا في أي قرار يصدرونه فيما يخص سوريا.

لقد اتفقنا مع الجامعة العربية على تضمين كيانات معارضة أخرى وأعتقد أن المجلس الوطني السوري قد حقق بعض الإنجازات الجوهرية في الشهرين الماضيين، فوجوده شجع العرب والمجتمع الدولي على رسم سياسة جدية لإيقاف عمليات القتل المستمرة في سوريا ووضع حد لتصرفات النظام.

أشعر أن هناك تصعيداً جدياً للأحداث تجاه سوريا والإجراءات التي تم اتخاذها تضع النظام في موقع النظام الآيل للسقوط. نظام من المستحيل له أن يحتفظ بوجوده. وأدعو أصدقاءنا في أوروبا والعالم أن يبينوا للشعب السوري أنه لا نية لديهم مهما يكن بإبقاء الأسد في سدة الحكم.

 

* لماذا لم تقم أي من الحكومات بالاعتراف رسمياً بالمجلس السوري الوطني كبديل للحكومة في سوريا؟

* هناك مسائل قانونية معقدة تحتاج إلى حل، فهم يخبروننا بأن الحالة في ليبيا كانت مختلفة لأن الليبيين كان لديهم الأرض والجيش والحكومة، وأنهم يستطيعون الاعتراف بنا سياسياً كممثل للمعارضة السورية ولكن ليس كبديل شرعي للنظام، وأنهم قاموا بقطع كل علاقاتهم مع النظام.

 

* هل تهيئون أنفسكم على غرار الثوار الليبيين؟

* نعتقد بأن الحالة السورية مختلفة تماماً عن الوضع الليبي، وما زلنا نعتقد بأننا نستطيع الاعتماد على مؤسسات الدولة ووزاراتها والوظائف التي تقوم بها، بالإضافة إلى هيئات المجتمع المدني.

 

* كيف يقوم المجلس الوطني السوري بتمويل نشاطاته؟

* إلى الآن، يتم تمويل المجلس من قبل التبرعات التي يقدمها رجال الأعمال النبلاء، وقد تلقينا وعوداً بالمساعدة من عدة دول عربية. إننا منفتحون لقبول التبرعات، وبين هذه الدول على سبيل المثال ليبيا، حيث قالوا أنهم لا يملكون السيولة الكافية الآن ولكنهم تعهدوا بذلك، حتى أن التبرعات مستمرة من داخل سوريا يأتي ما يقارب الـ 90% منها من قبل رجال الأعمال.

 

* إلام تهدف ضغوطاتكم على الحكومات الدولية؟

* طلبنا تنفيذ عقوبات اقتصادية؛ طلبنا أن يكون هناك تنسيقاً بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا والدول الغربية، طلبنا دعم هذه الدول في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكنت قد طلبت من السيدة أشتون إنشاء صندوق دعم مالي لدعم الشعب السوري، وأجابت أنها مسألة مهمة وسيتم مناقشتها. طلبنا توجيه رسالة إلى النظام مع تحذيرات بأنه ليس هناك طريقة للخروج. طلبنا الضغط على روسيا والصين والاستفادة من كل التدابير الخاصة بحماية المدنيين، وهذا ما جعل وزير الخارجية الفرنسي جوبيه يدعو إلى إقامة معبر إنساني.

 

* لقد دعيت صراحة لحماية المدنيين في سوريا، هل لك أن توضح ما هي الاقتراحات المطروحة على الطاولة وأين هي الآن؟

* العقبة الرئيسية هي مجلس الأمن – واستخدام حق النقض (الفيتو) من قبل روسيا والصين. كل الاقتراحات حالياً هي عبارة عن طرق تهدف إلى تفادي أو تجاوز حق النقض، وإيجاد طريقة لحماية المدنيين، فهدفنا الرئيسي هو إيجاد الآليات الكفيلة بحماية المدنيين وإيقاف آلة القتل، وإن كان المعبر الإنساني كفيلاً بتنفيذ هذا الهدف، فإن هذا الأمر مهم جداً. كما نعتقد بأن استخدام هذه الآليات مجتمعة سيساعد في إضعاف النظام.

 

* كيف يمكن للمعبر أو المنطقة العازلة أن تُفرض دون قرار من مجلس الأمن؟ وهل ستتطلب كل السيناريوهات تدخلاً خارجياً؟

* لقد قلنا أنه من الضروري اتخاذ إجراءات ملزمة لحمل النظام على احترام حقوق الإنسان، ولكن هذا لا يعني تدخلاً عسكرياً لإسقاط النظام، فهذا الأمر مختلف عن التدخل العسكري المنظم الذي حدث في العراق لتغيير النظام. نحن نعول على الشعب السوري لإسقاط النظام السوري، نريد من المجتمع الدولي أن يوقف عمليات القمع التي يتعرض لها الشعب السوري.

 

* أي من السيناريوهات تُعتبر الأكثر قابلية للتنفيذ الآن؟

* هناك تدابير يجب مناقشتها مجتمعة في المجتمع الدولي، بين الدول العربية, والأوروبيين، والولايات المتحدة. فالخيارات منوطة بقدرات الدول التي تمتلك الإرادة لمساعدة الشعب السوري، والمجلس سيُجري مناقشات مع كافة الأطراف كالجامعة العربية والدول الغربية وتركيا بهدف النظر بالآليات الأكثر قابلية للتطبيق والتي من شأنها أن تخدم الشعب السوري على أفضل وجه.

 

* مما يبدو مؤخراً أن المحادثات حول حماية المدنيين وخيارات التدخل الأخرى قد استحوذت على الاهتمام على مدى الأسبوع الماضي من قبل وزير الخارجية الفرنسي جوبيه وآخرين، هل حققت هذه المحادثات أي تقدم، وإلى أين تتجه الآن؟

* نعم، هناك تقدم عظيم. نحن على اتصال بأصدقائنا، وسنلتقي بوزير الخارجية التركي الذي يقوم بدوره بالنظر في هذه المسألة مع الأوروبيين، وذلك لمناقشة التطورات التي طرأت على ما قال أنه منطقة حظر جوي. لا يوجد لدينا حتى الآن معلومات كافية في ما يتعلق بهذه النقاشات السريعة والعديدة التي تدور بين الأطراف، والتي تدور حول الوضع السوري بين العرب والأتراك والدول الغربية.

 

* هل هي تهديدات أكثر من كونها اقتراحات وخطط؟

* هذه المسائل ما تزال قيد التفاوض، ولكن التهديدات أحياناً تتطور لتصبح خططاً.

 

* من خلال مناقشاتكم خلال الأسابيع القليلة الماضية، هل تعتقدون أن منطقة الحظر الجوي تعتبر قراراً ممكناً مع استمرار هذه المحادثات؟

* القرار منوط بمنع روسيا من استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. والضمان لعدم استخدام روسيا للفيتو سيكون بعدم وجود تدخل خارجي. هذه المسألة حالياً هي محط نقاشات موسعة: كيفية إقناع الروس بالمشاركة بنوع ما من التدخل الذي لن يتحول إلى تدخل عسكري على غرار الحالة الليبية. يجب تهيئة الوضع لهذا التدخل بحيث يكون ضمن حدود حماية المدنيين، وإيجاد الظروف اللازمة للسوريين ليقرروا بأنفسهم، وليس اتخاذ القرار نيابة عنهم.

 

* هل أظهرت روسيا أي تغيير في موقفها؟

* لقد التقينا بهم منذ عشرة أيام، وأعتقد أن موقف الروس يتغير بشكل نسبي وسيستمر بالتطور. لقد قمنا بإقناع الروس بأننا لا نريد لسوريا أن تتورط في تدخل عسكري واسع النطاق، وأننا نريد لروسيا أن تشارك في صنع كل القرارات المتعلقة بالتدخل الإنساني في حال كان هناك أية مخاوف من تهميشها. لقد طلبنا منهم أن يشاركوا في سياق قرار مجلس الأمن لدرء أي تدخل لحلف الناتو في سوريا. هذا ما أخبرته للروس: لقد جئنا إلى هنا لدرء أي تدخل عسكري، وليس لتشريعه، فلو كنا نريد تدخلاً عسكرياً لما أتينا إلى روسيا، ولكننا أتينا إلى روسيا بهدف الضغط على أصدقائكم في سوريا للقبول بحل تفاوضي و سلمي. إن أية مفاوضات لا تعني التسوية أو الحوار مع النظام، إنها مفاوضات حول انتقال السلطة، مفاوضات للوصول إلى حكومة تمثل الشعب وليس تسوية مع النظام.

 

* ما هي احتمالات انتقال تفاوضي من حكم الأسد؟

* أعتقد أن الجامعة العربية أعطت الفرصة الأخيرة لحل تفاوضي، ولكن لسوء الحظ، النظام رفضه، وأغلق الأبواب أمام أي حل تفاوضي الآن، نحن الآن أمام مجموعة مختلفة من الخيارات.

 

* هل تم عرض اللجوء على الرئيس الأسد؟

* لقد تلقى الأسد العديد من عروض اللجوء. الجامعة العربية وتركيا عرضت على الأسد المساعدة لإيجاد ملاذ آمن له. لكن من الواضح أنه يريد الاستمرار وأعتقد أنه لا يتمتع بالنضج وليس لديه فهم للواقع. الأسد واهم.

 

* التقيتم هذا الأسبوع بقيادة الجيش السوري الحر، هل قررتم تأييد الجيش المنشق؟ وما هو نوع التعاون بين الجماعات؟

* ذهبنا إلى هناك لهدفين، الأول: من أجل تنسيق خططه مع المجلس بهدف تحقيق إستراتيجية المجلس وإستراتيجية الثورة السلمية. لقد أخبرناهم بأن يركزوا عملياتهم على حماية المدنيين، وألا ينفذوا أي هجمات على الجيش. لقد أخبرناهم بأن العمليات الهجومية من شأنها أن تؤدي إلى وجود جيشين في البلاد وإلى دفع الأمور باتجاه الحرب الأهلية. ولكن الدفاع عن المدنيين الأبرياء هو واجب على أولئك الجنود المنشقين. الهدف الثاني: هو مساعدة الجيش على تنظيم كل القوات التي تحمل السلاح في المدن والأحياء لتجنب احتمال تشكل عناصر مسلحة خارجة عن سيطرتنا، فنحن لا نريد أن يكون هناك ميليشيات مسلحة خارج سلطة الدولة بعد سقوط النظام في سوريا، وقد أكدوا لنا أنهم سيقومون بتنفيذ اتفاقنا وسيلتزمون بطلبنا بعدم شن أي عمليات هجومية، كما أكدوا لنا أن ما حدث مؤخراً فيما يخص الهجوم المزعوم على القوات الحكومية من المحتمل أنه من فعل مجموعات مختلفة، وسنقوم بالتحقيق في ذلك. لنكن واضحين: ليس هناك جماعات سلفية في سوريا، أولئك الذين يحملون السلاح معظمهم من الجيش المنشق، والجماعات المسلحة هم الجنود المنشقون. ولكنهم ليسوا جميعهم منظمين، فبعد أن انشقوا، قاموا غالباً بالاختفاء في الأحياء المختلفة حيث أنهم يكافحون لأجل سلامتهم، هم بحاجة إلى رواتب، إلى ضمانات لحمايتهم، إلى مقومات الحياة. هذه هي الطريقة التي سيتم بها لمّ شمل الجميع.

 

* هل ستساعدون في تمويل أو تسليح الجيش السوري الحر؟

* لم يكن هناك أي تسليح للجيش السوري الحر، فهم ينشقون بسلاحهم الخفيف، ولكن إن احتاجوا إلى السلاح لحماية أنفسهم، عندها نعم. إننا كيان سياسي، ولن نقوم بتسليح الجيش السوري الحر على الرغم من إقرارنا بحاجتهم للسلاح بهدف حماية المدنيين وحماية أنفسهم.

 

* كيف تشكّل المجلس السوري الوطني، وهل من الممكن أن يوسّع قاعدته؟

* لقد تشكّل المجلس من تحالف سبعة كيانات سياسية مختلفة، حيث قامت هذه الكيانات بتقديم أسماء الأشخاص التي ستمثلها. في الحقيقة، إن التمثيل بهذه الطريقة لا يمثل النساء وبعض الأقليات بشكل ملائم، إلا أننا نسعى الآن، كما ناقشنا في اجتماعنا الأخير، لجعل المجلس منفتحاً على قوى وشخصيات معارضة جديدة بهدف تحسين عملية إشراك الأقليات والنساء. إننا مدركون لأهمية الأقليات، إلى ما هو أبعد من التمثيل السياسي، وذلك بهدف تبديد شيء من مخاوفهم. نعتقد أنه يجب أن يكونوا ممثلين أكثر مما ينبغي في المجلس السوري الوطني ليكونوا مطمئنين أنهم شركاء في الحياة المستقبلية لسوريا. لدى السوريين هوية وطنية تتخطى التقسيم الطائفي. وهوية سوريا الوطنية ستكون أضعف وأكثر بؤساً إن لم تستوعب هذه التعددية الجميلة بين العرب والأكراد وباقي الطوائف. الأكراد كانوا شركاء منذ البداية، ولكن المشكلة في اختيار الممثلين للحركات الكردية، فهناك 33 حزب كردي ، وكان من الصعب عليهم اختيار أربعة أسماء ونحن نتفهم السبب لذلك. لقد اختاروا أن لا  يكون تمثيلهم من خلال تحالفات وإنما فضلوا الاحتفاظ بمقاعدهم الخاصة، ولدينا حالياً العديد من المرشحين الأكراد لشغل هذه المقاعد الأربعة

 

* ما هو دور الجماعات الإسلامية في المعارضة السورية؟

* لا أعتقد أن هناك أي مخاوف حقيقية في سوريا من احتكار الإسلاميين، ولا حتى عشرة بالمائة. وفي هذا الصدد، سوريا بلد مختلف عن باقي الدول العربية. الإخوان المسلمون في سوريا ظلوا في المنفى مدة ثلاثين عاماً، ولا وجود لأي تنسيق فيما بينهم، ومعظم الذي يخرجون في المظاهرات والمجتمع بشكل عام هم من المتدينين. ولكن ليس كل مسلم هو إسلامي، وهذا خطأ كبير [في الوعي]، فكون شخص ما يصلي أو يصوم لا يعني أنه يريد دولة إسلامية. الإسلام على غرار الدولة الإيرانية هُزم في العالم العربي، فكل الحركات الإسلامية الآن تريد أن تحذوا حذو النموذج التركي. النموذج الذي نحتاج حقاً للنظر إليه هو النموذج التونسي، فحزب النهضة ربح الأغلبية، إلا أنهم اتجهوا إلى تشكيل حكومة ائتلافية.

 

* لقد تم تعيين قيادة المجلس السوري الوطني مدة ثلاثة أشهر، متى تنتهي الفترة الحالية ومن الذي سيقود حكومة انتقالية؟

* انطلاقاً من احترام مبادئ الديمقراطية، فإن الرئيس لديه فترة ثلاثة أشهر، ويمكن تمديد هذه الفترة، وقد بدأت الفترة الخاصة بي في شهر تشرين الأول ولمدة ثلاثة أشهر والتمديد مسألة سيتم مناقشتها، فالاحتمال موجود. سيتم تشكل الحكومة الانتقالية من قبل المجلس السوري الوطني وستتضمن آخرين من المعارضة، ومن التكنوقراط، ومن القادة العسكريين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء. فالفترة الانتقالية ضرورية لمدة عام وذلك للتأكد من قدرة كافة الأطراف على التحضير والتنظيم، وأيضاً لصياغة مسودة قانون انتخابات جديد. ومن الضروري التوضيح هنا أن النظام والحكومة منفصلان. لا نريد للحكومة أن تنهار، نريد الاستفادة من مختلف المؤسسات الحكومية وجعلها تؤدي عملها. سيتم تشكيل لجنة المصالحة الوطنية خلال هذه الفترة، وسيتم أيضاً إخضاع أجهزة المخابرات والأمن للسيطرة، وسيكون هناك إطلاق سراح لكافة المعتقلين السياسيين، وستبدأ محاكمة أولئك الذين ارتكبوا وتورطوا في جرائم ضد الإنسانية في سوريا، سيتم جلبهم لتحقيق العدالة.

 

* هل حاولتم فتح أي قنوات تفاوض مع العلويين كجزء من عملية انتقال محتملة، وماذا كانت النتيجة؟

* العديد من قنوات الاتصال مفتوحة مع العديد من العلويين في سوريا، والعديد منهم يعارضون بقوة سياسات النظام، إلا أنهم خائفون جداً. إنهم يخشون من اضطهاد مضاعف، فانتقام النظام منهم سيكون الأقسى. لقد جعل النظام من العلويين كطائفة يبدون كمشتبه بهم أو كمتورطين في الفظائع التي ارتكبها، ولكن في الواقع هذا ليس لسان الحال. على العكس، لقد كانت معاملة النظام للعلويين هي الأسوأ، وأولئك الذين ينتمون إلى المجتمع العلوي والذين يستفيدون من النظام لم يحصلوا سوى على نسبة بسيطة. إن أسوأ شيء فعله النظام هو تجنيد شبابهم وعسكرتهم. يجب أن يكون العلويون متساوون أمام القانون، وأن يحصلوا على الوظائف في الاقتصاد وفي القطاعات المتنوعة وليس فقط في أجهزة الأمن والجيش.

 

* كيف سيبدد المجلس مخاوف الأقليات الدينية (من غير العلويين) في سوريا؟

* نحن نعلم بوجود ضغوطات كبيرة على كافة الطوائف – حتى السنة – من قبل النظام بهدف تنفيذ السياسة التي يرغب بها، فهم أساساً محتجزون كرهائن لدى النظام.

إننا نعمل بجد مع رجال الدين على هذا الموضوع، والتقينا مؤخراً برئيس العلاقات الدولية في الفاتيكان، وطلبنا اجتماعاً مع البابا، ونخطط كذلك للقاء البطاركة الأرثوذكس في روسيا، إننا على اتصال مع العديد من رجال الدين على الأرض بهدف دعم مشاركة الأقليات في الثورة. لقد أقر برنامج المجلس السوري الوطني تجريم التمييز، وأن كل المواطنين السوريين متساوون أمام القانون، فلن يكون هناك أي تمييز بين أكثرية أو أقلية على أساس الدين في سوريا الجديدة، سيكون هناك أغلبية سياسية. إن أفضل ضمان يمكن أن يُقدم للأقليات يتمثل في التخلي عن النظر إليهم كأقليات، وإنما بوصفهم مواطنين. نريد تجنب النموذج العراقي والنموذج اللبناني الطائفي الذيّن يشددان على الانقسام الطائفي.

 

* أنت من مواليد حمص، هل تعتقد بأن حمص قد انزلقت في حرب أهلية؟

* لا يوجد حرب أهلية في حمص. ولن يكون هناك حرب أهلية في سوريا. هناك بعض ردود الفعل السلبية. هناك توتر شديد، ولكن هناك أيضاً إرادة قوية من كافة الأطراف على عدم الانزلاق إلى حرب أهلية. على الرغم من كل السياسات الطائفية التي استخدمها النظام، ما زالت حمص تحافظ على شيء من التعايش المشترك، فاللجان التنسيقية في الداخل ترفع دائماً لافتات تقول “لا للطائفية”. هناك مقاومة حقيقية على المستوى الشعبي لمواجهة محاولات النظام، يجب علينا البقاء حذرين. في العديد من المدن حيث تتعايش الطوائف، قام رجال الدين بخلق لجان تعمل على هذه المسألة، سواء في حمص أو غيرها من المدن. لقد دعينا إلى تشكيل مجالس محلية تسعى إلى إطفاء نيران أي تشنج طائفي.

 

* هل برأيك القيام بانقلاب عسكري من قبل العلويين ما زال أمراً محتملاً؟

* إنه احتمال كبير، هذه الخيارات ما زالت مفتوحة، وما زال الشعب بانتظار سماع هذه الأخبار الجيدة.

 

* هل سيتم تفكيك الأجهزة الأمنية كجزء من المرحلة الانتقالية؟

* هناك العديد من الأجهزة الأمنية الآن، وخطتنا تقضي بجمع كل هذه الأجهزة تحت لواء وزارة الداخلية حيث يكون الجميع خاضعين للقانون. في شكلهم الحالي، هم ميليشيات، الغالبية منهم “شبيحة” مرتزقة يُدفع لهم أجوراً لا تخضع لسيادة أو لقواعد القانون. كل هؤلاء الأشخاص سيتم إخضاعهم للقانون. في سوريا الجديدة لن يكون هناك انتقام، سنتبع نموذج جنوب إفريقيا، الدرس الأكثر أهمية من تلك التجربة هو مجلس المصالحة، لن يتم معاقبة الناس ما لم يثبت أنهم قاموا بارتكاب عمليات إطلاق نار أو قتل.

 

* ما هي وجهة نظرك حول الفيدرالية، وما هي طبيعة الدولة السورية الجديدة؟

* كل الأطراف تنادي بدولة مدنية ديمقراطية تعددية تعامل مواطنيها بشكل متساوٍ أمام القانون. إن كلمة “مدنية” هي نسخة عن كلمة “علمانية”، علمانية بمعنى أنها تضمن حيادها تجاه الأديان والطوائف، وتؤكد على فصل الدولة عن المجتمع. إن مصطلح “العلمانية” الدقيق له دلالة سلبية في العالم العربي، لذلك فإننا نفضل استخدام مصطلح “مدنية”.

 

* هل سيتم اعتماد الشريعة الإسلامية؟

* مصدر التشريع سيتم من خلال البرلمان، وفي حال كان البرلمان في غالبيته من المسلمين، فذلك سيعكس ثقافتهم ونزعاتهم. في سوريا اليوم، الشريعة تعتبر واحدة من عدة مصادر للتشريع، إنها إحدى السبل التي تهدف إلى إرضاء المشاعر الدينية للشعب. نريد نظاماً ديمقراطياً حقيقياً يمثل إرادة وتطلعات مواطنيه.

 

* لسوريا حالياً علاقات إستراتيجية مع إيران و حزب الله، كيف ستقوم حكومة سورية جديدة بمواجهة هذه الحكومات؟ وما هو مصير تلك العلاقات؟

* العلاقة الحالية بين سوريا وإيران علاقة غير سوية، ولم يسبق وأن حدثت في تاريخ سياسة سوريا الخارجية. سوريا الجديدة ستكون جزءاً أساسياً من الجامعة العربية وستعمل على تحسين دور الجامعة العربية وعلى دور الدول العربية إقليمياً، خاصة بعد ما اتخذوا قراراً تاريخياً وغير مسبوق بدعم الشعب السوري. سوريا هي قلب المشرق العربي، لا يمكنها أن تعيش بعيداً عن علاقاتها بشبه الجزيرة العربية، وبدول الخليج العربي، وبمصر وغيرها. نحتاج إلى دعم اقتصادي واستثمارات من إخواننا العرب في المستقبل، فمستقبلنا في حقيقة الأمر مرتبط بالعالم العربي وبالخليج العربي بشكل خاص، في المستقبل سنحتاج إلى الكثير من الدعم المالي والاقتصادي الجدي لإعادة بناء سوريا. سيتم إعادة النظر بعلاقاتنا مع إيران كأي دولة في المنطقة، وفقاً لمصالح التبادل الاقتصادي والدبلوماسي، وفي سياق تحسين الاستقرار في المنطقة ولن يكون هناك علاقة خاصة. لن يكون هناك علاقة خاصة مع إيران. المسألة الجوهرية هنا هو– التحالف العسكري. ثم إن كسر العلاقات الاستثنائية يعني كسر التحالف العسكري الإستراتيجي، ولا نمانع بوجود علاقات اقتصادية.

 

* هل هناك تفكير بكيفية التغير الذي سيطرأ على دعم حزب الله وحماس؟

* ستكون علاقتنا مع لبنان علاقة تعاون، واعتراف مشترك وتبادل بين المصالح بالإضافة إلى السعي مع اللبنانيين إلى تحسين الاستقرار في المنطقة. وبما أن علاقتنا مع إيران ستتغير، كذلك فإن علاقتنا مع حزب الله. لن يكون حزب الله كما هو بعد سقوط النظام، لن يتم استخدام لبنان كما تم استخدامه في عهد الأسد كساحة لتصفية الحسابات السياسية. حماس انتقلت إلى سياسة جديدة وهي الآن تعمل مع منظمة التحرير الفلسطينية بهدف توحيد كل الأطراف الفلسطينية. فلم تعد حركة حماس مدعومة من قبل النظام السوري، وعلاقتنا معها ستكون من خلال علاقتنا السياسية مع منظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع المدني الفلسطيني.

 

* هل سيكون هناك أولوية كبرى لاستعادة مرتفعات الجولان؟

* نأمل أن تكون الظروف السياسية والجيو-سياسية مهيأة أكثر للعمل على استعادة الجولان من خلال تدابير تفاوضية. فللجولان دلالة حقيقة على السيادة السورية وعلى الاستقرار، ولا يوجد هناك أدنى شك حول موضوع استعادته. نحن نعول على علاقاتنا المميزة مع الأوروبيين والقوى الغربية في مساعدتنا على استعادة الجولان بأسرع وقت ممكن.

 

* هل لديكم قنوات اتصال مفتوحة مع كل من حزب الله وحماس؟

* أراد العديد من الشخصيات المعارضة الاجتماع بحزب الله وإيران، ليشرحوا قضيتهم وينفوا عنها تهمة المؤامرة الخارجية. إلا أن موقف حزب الله المستمر والدور السلبي الذي تلعبه أجهزته الإعلامية، أغلقت هذا الباب. لدينا قنوات اتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية.

 

* هل هناك أي قلق عن كيفية التعامل مع مخزون الدولة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية؟

* هذه المسألة مهمة. ستكون جزءاً من المناقشات العامة الخاصة بالتسليح في البلاد في وقت لاحق، وعن مدى التقدم الذي يمكن إحرازه في مفاوضاتنا على جبهة الجولان. لكن من حيث المبدأ، نحن ضد وجود أي أسلحة دمار شامل وأي انتشار نووي.

 

* من وجهة نظرك، إلى أي مدى يمكن للنظام أن يصمد في ظل الاضطرابات المستمرة وتهت هذه العقوبات؟

* أعتقد أن النظام سيكون قادراً على الاستمرار وتمويل نفسه إلى حد ما، فالإيرانيون يساعدون ويدعمون الأسد. كما نعتقد أن حالة أولئك الذين يخدمون النظام ستتدهور كثيراً، وسيتوقفون عن دعم الأسد. وهذا هو الغرض الرئيسي من العقوبات، ألا وهو إجبار أولئك الملتفين حول النظام للتخلي عن دعمهم له. كل رجال الأعمال منزعجون من أسلوب تعامل الأسد مع الوضع، ومن أداء الحكومة السيء، فهم يلقون عليه اللوم في كل ما حدث. إن التقديرات المنطقية لاحتياطيات الحكومة من العملة الأجنبية يتراوح بين سبعة مليارات دولار إلى ثمانية مليارات دولار، لقد انكمش الاقتصاد بنسبة عشرة بالمائة هذا العام. لا يمكننا التنبؤ بالغيب، ولكني أعتقد أن النظام قد دخل في نفق لن يستطيع الخروج منه، المسألة ستأخذ شهوراً، ولا يوجد هناك أي فرصة حتى لو كانت واحد بالمائة تدل على نجاة الأسد. السبيل الوحيد أمامه – إن كان سيفعل – هو أن يستمر بالقتل. هم يعلمون أنهم إن توقفوا عن القتل فتلك هي نهايتهم.

 

* ما هي وجهة نظرك حول دور الولايات المتحدة في سوريا؟

* مؤخراً بدأنا نرى دولاً أدركت مدى تأخرها في دعم التغيير. الأمريكيون قريبون جداً مما يحدث، فهم يشاركون في تهيئة الرأي العام الغربي والأوروبي والعربي والتركي. أعتقد أنهم يختارون سياسة المقعد الخلفي للتعاون، وهذه إستراتيجية جيدة. في اعتقادي يريد السوريون تعاوناً دولياً وتعاوناً بين الدول العربية والمجتمع الدولي لضمان الاستقرار والسيادة لبلدهم. نريد من العرب أن يلعبوا الدور الأول. أعتقد أن جزءاً كبيراً من الرأي العام العربي يفضل أن تقود الدول العربية الطريق في سوريا، فهم حقيقة يخشون ما حدث في العراق. لن ينسى الشعب السوري أولئك الذين مدّوا لهم يد العون لمساعدتهم على التخلص من الديكتاتورية التي تحكمهم. وكذلك يود الشعب السوري أن يكون صديقاً لكل الأمم. أعتقد أن سوريا الجديدة ستسهم إلى حد كبير بإعادة الاستقرار في المنطقة، وإحداث تنمية عامة مع الدول العربية والإقليمية. يبقى الاستثناء قائم في تلك الدول التي ما تزال تقوم بإيذاء الشعب السوري وتأخذ بعضاً من حقوقه. إننا نتطلع إلى منطقة يزدهر فيها التعاون والرخاء والسلام.

 

* فوجئ الكثيرون برؤية الاحتجاجات تجتاح سوريا هذا العام، لماذا حدث ذلك باعتقادك؟

* هناك تغير عميق في الوجدان العربي، لم يعد في مقدور أحد تحمل حكم الأنظمة التي فقدت شرعيتها في نظر شعبها. في السنوات العشر الماضية، تغيرت تطلعات الشعب، وصلت فكرة الدولة أو الأمة الإسلامية إلى طريق مسدود، وأضحى التوجه العام عند عامة الشعب في العشر سنوات الماضية نحو الديمقراطية، فكل هذه المساعي لإحلال الديمقراطية أو الإصلاح لم تؤت أكلها. لطالما خاف الشعب في سوريا من الأجهزة الأمنية. لكن ما حدث في تونس وفي مصر أدى إلى انبثاق آفاق جديدة. لقد أنار طريقاً جديداً للسوريين، وعندما ثار البركان، كان من الواضح وجود تراكم من خيبات الأمل التي لا يمكن قمعها. هذا يفسر التصميم الشجاع للمتظاهرين اليوم.

أضحت الحرية للسوريين اليوم قبل الخبز… قبل الحياة…