مقالات

نحن والغرب ومشكلة الأقليات

2025-01-17 :: العربي الجديد

يصدم الخطاب الغربي القديم الجديد الذي لا يكاد يركّز على مسألةٍ في عملية الانتقال السوري الصعب أكثر ما يركّز على مسألة الأقليات طيفاً واسعاً من قطاعات الرأي العام السوري التي تريد بأيّ وسيلةٍ الخروج من فخّ الأقليات والأكثريات، وتحاول أن تركّز على مفهوم المواطنة، لتجاوز سياسات التعبئة الطائفية التي اعتمدها النظام القديم، وأخضع من خلالها المجتمع بأكمله لإرادته وأجهزة مخابراته الدموية. وعندما نتحدّث عن المواطنة فنحن نضع التشديد على حرية الفرد واستقلاله وحقوقه المدنية والسياسية، بصرف النظر عن انتماءاته الأهلية الموروثة. وتأتي الإحالة إلى مسألة الأقليات في السياق الراهن كما لو كانت تشكيكاً بهذا النهج الوطني، وإصراراً على العودة إلى طريق التقاسم الطائفي للسلطة  بشكلٍ أو بآخر، كما جرى من قبل في العراق الذي لم يخرُج من فوضاه، ويستعيد الدولة والسياسة بعد. أخطر ما يقود إليه التركيز على موضوع الأقليات والمكونات هو تسميم الفكر الوطني في البلدان العربية والإسلامية بمفهوم التجانس الذي سيطر على الفكر القومي الأوروبي في القرن التاسع عشر، وتركيز النظر في مفهوم الأمة على أنها التعبير عن تطابق الهوية السياسية والهويتين الثقافية واللغوية. كان هذا جوهر القومية الألمانية والإيطالية وعديد من القوميات، وكذلك الفرنسية التي استخدمت، وقد كانت متعدّدة اللغات والقوميات، الجمهورية بمثابة مدحلة قوية من أجل تحقيق هذا التجانس ففرضت على الجميع لغة واحدة، وحرّمت عليهم لغاتهم المحلية.   من الأقليات الى التنوع الديني والإثني وإذا تجاوزنا مفهوم الأقليات الذي وُلِد في حضن الحركات القومية الأوروبية التي تركّز على التجانس، ولا ترى فيها سوى معيقٍ له وجسم أجنبي، نجد أنّ التعدّد والتنوّع في الجماعات الدينية والقومية هو الحالة الطبيعية في المجتمعات على مرّ التاريخ. وفي الفضاء الحضاري والثقافي المشرقي قبل الإسلام وبعده، تعايشت ...

إقرأ المزيد...

مقابلات مقروءة

حوار مع النهار: لا بديل عن الحوار الوطني

2025-03-24

لا يستسيغ رئيس المجلس الوطني الانتقالي السوري السابق الدكتور برهان غليون إبعاد الشخصيات المعارضة، التي صبغت المشهد السياسي لانطلاقة الثورة السورية، عن مشهد الحقبة الانتقالية للسلطة اليوم.   أستاذ علم الاجتماع في جامعة السوربون يُعدّ من أبرز تلك الوجوه المتمسّكة في خطابها بمبدأ العدالة الانتقالية، والنأي بأيّ صبغة تطرّف عن سوريا الجديدة، عبر الدعوة إلى إبعاد الفصائل المتطرّفة عن الأمن السوري، ومحاسبة مرتكبي جرائم الساحل.  ويرى غليون أنّ ما جرى بعد سقوط النظام لم يكن حواراً وطنيّاً حقيقيّاً بل مجرّد لقاءات محدودة بهدف إنتاج إعلان دستوريّ موقّت لسدّ الفراغ القانونيّ. ويجد وجوب شمول الحوار الوطنيّ مختلف الفاعلين.    في الآتي، نص حوار "النهار" الشامل مع غليون:     - لاحظنا تعبير السلطات الانتقالية عن رغبة في الحوار مع فئات مختلفة في المشهد السياسي السوري. بين ما أعلن ومسار ما انطلق، هل رأيتم ما يؤسّس فعلاً لحوار حول مرحلة انتقالية سليمة؟    للأسف، لم يكن هناك حوار وطنيّ كما كان ينبغي. والحوار الوطني لا يمكن أن يجري في يوم أو يومين، وإنما يحتاج إلى مشاركة الكثير من الفاعلين الاجتماعيين، سواء في ميدان الفكر  أم الثقافة أم السياسة أم المجتمع أم الاقتصاد والأمن والأمور الاستراتيجية، وبلورة رؤية مشتركة للتحالفات والعلاقات الإقليمية والدولية. ما حصل بنظري من لقاءات محدودة لم يكن سوى وسيلة لإنتاج وثيقة دستورية موقتة لملء الفراغ القانوني والسياسي في إدارة الشأن العام بعد انهيار المؤسسات السياسية القديمة أو حلّها.  هذا يعني أن مسألة الحوار الوطني لا تزال في بدايتها، وأن الحوار ينبغي أن يستمرّ ولو كان ذلك من خلال أطر مختلفة تُتيح مشاركة جميع المعنيين بتحديد رؤية واضحة ومتفاهم عليها للانتقال السياسي، بسبله وغاياته، مع ورقة طريق لسورية المستقبل أيضاً.  وليست السلطة القائمة ...

إقرأ المزيد...