مقابلة نداء بوست حول اللجنة الدستورية

2021-10-18 :: نداء بوست

الروس صمَّموا اللجنة الدستورية لتعطيل جنيف وقرارات الأمم المتحدة

اللجنة الدستورية المنعقدة في جنيف لا يبدو حتى اللحظة سوى أنها فرصة لكسب الوقت روسياً ومن قبل النظام لتمييع القرار  2254. هل هذا الموقف الروسي يمكنه تحقيق نتائج لصالح النظام أم أنه مرتبط بضمانات أمريكية وغربية تريدها روسيا لدورها في سوريا؟

غليون: صمم الروس اللجنة الدستورية لتجاوز مسار مفاوضات جنيف القائم على اسس الشرعية الدولية الممثلة بقرارات مجلس الامن واخرها قرار ٢٢٥٤. مما يعني امكانية تجنب التقيد بهذه القرارات، بالرغم من ادعاء العكس، والدفع نحو تسوية تضًمن بقاء الاسد مع إجراء بعض الاصلاحات من داخل النظام. ولهذا دعت موسكو مع حليفيها ايران والاسد الى مؤتمر سوتشي، الذي اصبح مرجعية اللجنة الدستورية الفعلية وليس القرارات الدولية. لكن حتى على مستوى هذه الصيغة عطلت طهران وتابعها الاسد اي مفاوضات انطلاقا من الاعتقاد بامكانية حسم الصراع عسكريا وفرض الامر الواقع، من دون مفاوضات من اي نوع، ولا حتى الاضطرار الى الاعتراف بوجود معارضة والتراجع عن نظرية الموامرة الكونية والتمرد الارهابي الذي تتعرض له. اما روسيا فهي تستخدم هذا التعطيل لتحصيل مكاسب سياسية وتنازلات من الولايات المتحدة، في سورية وفي غيرها من الملفات العالقة بين القطبين. والواقع، بقبولها الانخراط في المناورة الروسية قامت "فراطة" المعارضة السورية بعملية "هارا كيري" قضت فيها على قضيتها من تلقاء نفسها.

- لا تزال خارطة الميدان السورية تشير إلى فعالية نشطة دولياً وإقليمياً سيما وأن الشمال السوري يقع تحت الحماية التركية والشمال الشرقي تحت الحماية الأمريكية وباقي المناطق السورية تحت الحماية الروسية. هل هذه الحمايات مقدمة لجعل هذه المناطق مناطق استقرار مؤقتة ريثما يتم التوصل لحل سياسي مقبول من كل الأطراف وعلى قاعدة القرار 2254؟.

غليون: المحافظة على وضع هذه المناطق في ما يشبه الحكم الذاتي يشير الى معارضة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تفرد روسيا وايران بالحل وفرض تصورهما للتسوية السياسية، ومن ثم القبول باحتمال اعادة تاهيل النظام، مع بعض التعديلات الدستورية الشكلية، وتمرير جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، ووتجنيب الاسد وشركاؤه المحاسبة وتحمل المسؤولية في المحرقة السورية. وبقاء هذه المناطق خارج سيطرة النظام دليل على ان حل الازمة السورية لم يتقدم وان شروط التسوية التي تستجيب للقرارات الدولية لم تتحقق بعد. ولذلك يسعى الروس بجميع الوسائل الى تحاوز هذه العقبة وتغيير الوضع في هذه المناطق، سواء بالضغط على تركيا في شمال غرب سورية او دفع النظام الى التفاهم مع قوات قسد ومساعدته على التوصل الى حل معها يتعلق بالمسالة الكردية .

- تعلن الولايات المتحدة عن إصرارها على إبقاء العقوبات بحق نظام الأسد وعلى عدم السماح بإعادة الإعمار ما دام النظام لا يستجيب للحل السياسي. ومن جهة أخرى تغض النظر عن خطوات تطبيع عربية كالأردن والإمارات وغيرهما. كيف تقرأ جوهر السياسة الأمريكية حيال القضية السورية؟ وهل الأمريكيون جادون بهذا الموقف برأيكم؟

غليون: بعد الاعتراف بفشل الضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية على بعض مؤسسات الدولة وعلى شخصيات النظام عدلت واشنطن من مقاربتها للمسألة وقررت ان تمسك العصا من الوسط، وتمارس سياسة العصا والجزرة مع النظام وموسكو معا. فبالسماح لبعض الدول العربية بما يشبه تطبيع العلاقات او شبه تطبيعها مع الاسد تحاول ان تبرز الجزرة التي تشجعهما على الاستمرار في المفاوضات، وتجنب مواجهة حالة من الفشل المعلن والاستعصاء تفرض عليها تغيير في أجندة سياستها الدولية ليس لها مصلحة اليوم فيه. وفي ابقائها على العقوبات على سورية الاسد وروسيا بوتين تحتفظ بالعصا التي تريد ان تستخدمها لتهديد النظام بما هو اقسى اذا لم يقبل بتغيير موقفه المتصلب والرافض لاي تعديل في سياسته او سلوكه. وهي عصا تلوح بها واشنطن حينما تشاء في وجه الروس والايرانيين ايضا لتؤكد لهم انه لن يكون هناك حل ولا عوائد للاحتلال مع الاستمرار في تشجيع الاسد على مقاومة الضغوط الدولية من اجل تسوية تحظى بالحد الادنى من الصدقية ولا تسيء لمصداقية الولايات المتحدة واوروبا السياسية.

وهذا يعني ان الامريكيين جادين، سواء كان ذلك في تقديم جرعة امل للنظام وحلفائه والدول العربية لتشجيعهم على التقدم في اتجاه مثل هذه التسوية، او في تمسكهم بالعقوبات والضغوط وحتمية الدخول في مفاوضات سلام جدية. 

 

- يقول الأمريكيون يجب أن يعدل النظام سلوكه . كيف تقرأ هذه العبارة؟ وهل تعني تقويض بنية النظام الأمنية القمعية؟ أم تقديم تنازلات شكلانية دون رحيل رأس النظام رغم جرائم الحرب وجرائم انسانية ارتكبها ا؟لنظام

غليون: هذه عبارة عامة الهدف منها التاكيد على ان واشنطن لن تغير سياستها تجاه النظام ما لم يظهر استعداده لتغيير سياساته الداخلية والخارجية ايضا. لكن مضمون هذا التغيير تحدده العبارات التي تؤكد على القرارات الدولية وانتقال سياسي لايمكن ان يعني سوى وضع حد لنظام السلطة العائلية التي حولت سورية الى اقطاعة قرسطوية. وبهذه العبارة تبقي واشنطن الباب مفتوحا على الجانبين: امام الصيغ المحتملة للتغيير والانتقال السياسي، مع الاسد ربما اذا عرف كيف يتعاون مع القرارات الدولية، وبالابقاء على مؤسسات النظام بعد اصلاحها واعادة هيكلتها، وامام التهديد بترك الامور تقود الى تقويض بنية النظام وانهياره، وربما خسارة الاسد حياته، امام التحديات الداخلية والخارجية التي ليس لديه اي فرصة للتغلب عليها من دون تعاون المجتمع الدولي والبلدان الصناعية الغربية. 

أسامة ياغي

https://nedaa-post.com/%D8%AF-%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86-%D8%BA%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%80-%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D9%88%D8%B3%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D8%B5%D9%85%D9%8E%D9%91%D9%85%D9%88%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B7%D9%8A%D9%84-%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%81-%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9