ضرب الشعيرات ليس صحوة ضمير ولكن سياسة جديدة

2017-04-13 :: وكالة أنباء آسيا

 

 رأى الرئيس السابق "للمجلس الوطني السوري" المعارض برهان غليون في تصريح خاص لوكالة أنباء "آسيا" أن الإتفاق لإخراج المسلحين من الزبداني ومضايا مقابل إخراج السكان من كفريا والفوعة، اتفاق مخالف للمواثيق الدولية ومنتهكٌ لحقوق السوريين وقائم على قاعدة التهجير القسري بعد تجويع السكان بالحصار، ومن أجل تغيير الديمغرافية السورية، ولا يغير من هذه الحقائق أن السكان اضطروا لقبوله بعد حصار وقصف وتدمير لشروط حياتهم خلال ستة أعوام".


 من جهة ثانية أشار إلى أن "عودة واشنطن إلى الانخراط في الأزمة السورية، يفتح نافذة أمل في التقدم على طريق البحث عن حل سياسي، لكن فقط إذا ما نجحت المفاوضات الروسية - الأمريكية واقتنعت روسيا، وهذه هي الحقيقة، أن مصالحها مع الغرب أكبر بكثير من مصالحها في التحالف مع إيران للاستمرار في التلاعب بمصير الدولة السورية، واستخدام حرب الإبادة ضد الشعب السوري كورقة ضغط ومناورة لابتزاز المزيد من التنازلات من جانب الغرب".

 وحول إطلاق الصواريخ الأمريكية على مطار الشعيرات العسكري لفت غليون بالقول: "لا أعتقد أن الذي كان وراء قصف قاعدة الشعيرات الجوية صحوة ضمير من قبل الإدارة الأمريكية، أو تفجر المشاعر الإنسانية، أو رغبة الرئيس الجديد ترامب بالتميز عن سلفه اوباما، وبحسب توقعاتي فإن قصف قاعدة الشعيرات ليس عملا معزولا ولكنه بداية لسياسة جديدة، وهذا ما يتوضح بشكل مضطرد على لسان المسؤولين الأمريكيين، والضجة الكبيرة التي يبدو أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى إحاطة عملها بها تشير إلى أنها ليست عملية تأديبية فردية، وإنما هي خطوة من ضمن خطوات تالية هدفها مزدوج: أولا إعلام الأسد بأن حكمه انتهى، وأنها قطعت الأمل بمسار المفاوضات الطويلة التي قوضها رفضه الحوار والانتقال السياسي.

 وثانيا، "إرسال رسالة لقاعدة الأسد الاجتماعية والموالين له، خاصة من بين القوى العسكرية، بأن من مصلحتهم منذ الآن عدم تعليق مستقبلهم على بقاء الأسد، والبدء بالبحث عن حل مع بقية أبناء الشعب السوري، وهذا ما فهمه أنصار النظام الذين أخذوا ينتقدون الأسد وعدم قدرته على الرد، ويتهمون الروس بأنهم باعوا النظام للأمريكيين، وربما ستكون هذه الضربة أيضا بداية مفاوضات جديدة أمريكية-روسية على خروج الأسد ووقف عملية الإجهاض المستمرة لأي مفاوضات سياسية جدية، وهذا ما تشير إليه تأكيدات الأمريكيين على استعدادهم لتجديد الضربة ووضع الروس أمام الأمر الواقع".

واعتبر غليون أن ما بعد ضربة الشعيرات لن تكون كما قبلها، بالنسبة للأسد ونظامه وتحالفاته، وهذه بداية عكس أو قلب الاتجاه الذي اتخذته الأحداث حتى اليوم، والذي قاد إلى تمدد إيران وتدخلاتها المتعددة الأشكال وتدخل روسيا وسعيها لإلحاق سورية بها، لكن لا يزال من الصعب تبين معالم المسار الذي سيأخذه قلب المعادلات الجيو-سياسية في المسألة السورية أو انطلاقا منها."

 كما أضاف: "لكن من الواضح الآن أن الضربة الصاروخية الأمريكية لقاعدة الشعيرات الجوية المهمة أطلقت ديناميكية جديدة في العملية السياسية، والضغط من أجل إخراج سورية من الوضع المأساوي المستمر منذ ست سنوات، ويبدو وكأن هذه الديناميكية قد نتجت عن خطأ استراتيجي ارتكبه الأسد وحلفاؤه، بالعودة إلى استخدام السلاح الكيماوي وغاز السارين بشكل خاص، ويؤكد بيان روما الصادر اليوم عن اجتماع وزراء الخارجية السبع، والذي دعا روسيا لوقف دعمها للأسد، والتعاون مع المجتمع الدولي لتسريع عملية الانتقال السياسي والعمل من أجل سورية ديمقراطية من دون الأسد."

 وعن سبب تغير السياسة الأمريكية والأوروبية، والغربية عموما، رأى غليون أنه "ليس بالتأكيد خطأ الأسد وحلفاءه استخدامهم السلاح الكيماوي، فهو لم يتوقف عن استخدام الغازات السامة وانتهاك المواثيق الدولية والقوانين والأعراف المتعلقة بالحرب، والسبب الحقيقي هو ببساطة أن الأهداف الغربية من الحرب، وهي لا تنفصل عن الأهداف الاستراتيجية في منع الشعوب في هذه المنطقة من انتزاع حقها في تقرير مصيرها بنفسها، وتحطيم أي ديناميكية تقود إلى تشكل وطنية قوية وحية، تتجاوز الانقسامات الطائفية والعشائرية والعصبوية، وهذا ما تقود إليه الديمقراطية، وبالنسبة لإسرائيل إجهاض القوة العسكرية التي تنمو بالضرورة مع نمو البلدان وازدياد تحديثها ومواردها وقدراتها البشرية، وهذه الأهداف قد تحققت في سورية، فلن تستطيع سورية، مهما كانت شروط السلام أن تشكل بعد الآن ولعقود طويلة، تهديدا لأحد أو مركزا لنشوء وطنية قوية تفرض السيادة الشعبية وتضع حدا للتبعية المفروضة والارتهان للقرارات الدولية."

واعتبر أن "ترك الحرب مستمرة في ما وراء تحقق هذه الأهداف لا يخدم إلا مشروع روسيا وإيران في تفريغ البلاد من هويتها وسكانها، وإقامة قواعد عسكرية قوية ودائمة ومدعومة بمستوطنات أجنبية، تعزز موقف الحلف الروسي الإيراني من جهة، وترمي بملايين اللاجئين العرب والمسلمين الجدد من سورية وغيرها، على طرقات الهجرة والتشرد لطرق أبواب الدول الغربية من جهة ثانية."