سورية في قلب التحولات الإقليمية والدولية
2025-05-26 :: العربي الجديد
لم يرَ بعضهم في سقوط الأسد وانتزاع هيئة تحرير الشام السلطة في دمشق سوى أحمد الشرع، وتجربته مع "القاعدة"، ثمّ هيئة تحرير الشام، فصارت القضية الرئيسة عندهم تتلخّص في محاربة الإرهاب والتطرّف والقيم السلفية. ومنهم من غضّ الطرف عن هذا الوجه، ونظر إلى ما حصل حلقةً أخيرةً من ثورة الحرية، واكتمالها بالقضاء على ما تبقّى من حكم الأسد وإرثه وبراميله ومجازره الدموية، فاعتبر الشرع محرّراً، بل مخلّصاً. ومنهم من نظر إليه باحثاً عن مُلكٍ واعتبر استئثاره بالسلطة مقدّمةً لتجديد عصر الديكتاتورية الفردية ونظمها، ولو بوجهٍ مختلف. ومنهم من نظر إلى مجيئه إلى السلطة بوصفه إحدى أدوات الصراع على النفوذ في سورية، بين تركيا وايران والسعودية وإسرائيل، فاخترع الهُويَّة الأموية حين كانت دمشق عاصمة أكبر إمبراطوريات زمانها. ومنهم من رأي فيه تأكيداً لانتصار الأصولية الإسلامية على الأيديولوجيات الحداثية العلمانية والغربية، وتعميم القيم السلفية على شعبٍ متنوّع الأعراق والأديان والمذاهب، وتهديد وحدة المجتمع السوري وسلامته. وفي هذه الحالة، اعتبر هؤلاء أن السكوت عن السلطة الجديدة، أو السماح لها بالاستقرار، يعني خسارة معركة الحداثة والتحديث والعلمانية والدولة الديمقراطية والوطنية. والواقع أن ما حصل كان فيه من ذلك جميعه، فكلّ واقع يتشكّل من عقدة من العلاقات وأنماط من التفاعلات، تجعل منه ظاهرةً مركّبةً تسمح بتأويلاتٍ وتحديداتٍ متعدّدة، بحسب ما يركّز فيه الملاحظ على أوجه أو مُخرجات. هكذا انطوى سقوط الأسد على تحوّلٍ لمصلحة الأيديولوجيات الإسلاموية السلفية، وأنتج سلطةً سياسيةً جديدةً تغيّرت في سياقها (أيضاً) التوازنات الطائفية على الصعيدَين الوطني والإقليمي، وعبّر عن تغيير جيواستراتيجي نقل سورية من "محور المقاومة" و"العداء للإمبريالية"، المنهار، إلى المحور العربي، المحافظ، في الخليج وفي تركيا. كما فتح على صعيد العلاقات ...