الثورة بين الأقوال والأفعال

:: face book

 

يحيرني ذاك الذي يرد دائما على ما أكتبه في هذه الصفحة بجواب واحد لا يتغير: مليح، لكن نريد أعمالا لا أقوالا. وهو في الغالب لا يفعل شيئا. 

من قال إن العمل يفترض غياب التفكير، أو أن من يفكر في مجريات الأمور وسبل تحولها، ويعمل على تطوير المواقف والتوجهات، ويسعى إلى مناقشتها مع الآخرين، يمتنع حتما عن أداء أي واجبات عملية أخرى في الإغاثة والسياسة والمجهود الحربي؟ 

ليس هناك عمل ناجع وناجح من دون تفكير، ولا يمكن أن يكون هناك فكر سليم من دون الارتباط بالعمل. لكن للعمل مراتب ومستويات وميادين مختلفة. وفي كل ميدان هناك من يغلب على عمله طابع التنفيذ، وهناك من يخطط، وهناك من يصمم، وهناك من يصوب الأخطاء. وهذا ينطبق على كل الأعمال من صناعة الإبرة إلى صناعة الذرة، وييدأ في المجتمع من مستوى تنظيم الفرد لمشروع حياته، إلى الاسرة إلى الحرب والسياسة والخطط الكبرى، التي تتطلب باستمرار ارتقاءا مستمرا في مستوى النظر وطرائق التحليل والتركيب، وتحتاج جميعا إلى الرأي السديد.

العمل من دون تفكير لا يثمر ولا يقود إلى شيء، وربما انقلب على صاحبه، والتفكير غير المرتبط بعمل ومشروع عملي يخشى عليه أن يتحول بسرعة إلى سفسطة وكلام سائب وتنظير منفصل عن الواقع والعقل السليم.

ومعظم نقائص عملنا اليوم في الثورة، وتأخر إنجازنا فيها، ناجم عن الانفصال بين النظر والعمل، وضعف التفكر، الأخلاقي والانساني والسياسي والعسكري. ولولا الايمان بالله والثقة بنصره لما شهدنا ما شهدناه من صمود اسطوري قام بشكل رئيسي على التضحيات العظيمة بالروح والنفس، التي يقف وراءها الايمان بعدالة القضية والحق، ويغذيها الاعتقاد الصادق، والثقة بالله، والحماس الديني الذي أصبح اليوم المحرك الانفجاري الحقيقي لروح الصمود والتصميم والأمل بالنصر