يبحث هذا الكتاب في الجذور الفكرية والثقافية العميقة للقطيعة بين النخب السياسية وعامة الشعب، ويركز على نقد نظريات الطليعة، اليسارية والاسلامية، التي سيطرت على فكر قوى التغيير وسياساته خلال القرن العشرين، وشددت على الدور الاستثنائي للنخب الاجتماعية، في قيادة الشعوب نحو التغيير، سواء أكان تغييرا حداثيا يدعو إلى الانخراط في روح العصر وثقافته أو إسلامويا يدافع عن مشروع العودة إلى التراث بمضامينه المختلفة الاجتماعية والسياسية.
ويحلل الكتاب أثر خطاب الطليعية هذا في ترسيخ مفهوم جهل الشعب وإنتاج تصور يجعل منه كتلة قاصرة مفتقدة للإرادة والوعي، وبالتالي غير جديرة بالمشاركة السياسية والارتقاء إلى مستوى المسؤولية العمومية والقرارات المصيرية. وفي هذا الخطاب وتلك الثقافة نشأت وتعززت سياسات العزل والتهميش التي أفضت في ما بعد إلى سياسات القمع المنهجي والحرب الاستباقية ضد الجمهور، وتجلت بعد الربيع العربي بعمليات الهدم وكسر الإرادة والإبادة الجماعية .