سؤال المصير، قرنان من صراع العرب من اجل السيادة والحرية
ويرى غليون ضرورة قلب معنى الاستثناء رأساً على عقب، وبدلاً من أن يكون التخلف ثمرة إرادة الشعوب في البقاء على هامش الحداثة أو خارجها، بسبب تعلقهاً بتراثها أو تقاليدها، يصبح مرتبطاً باستثناء الدول الصناعية المركزية، التي تتحكمً في عوامل الحداثة المادية والتقنية والعلمية وصناعة الأيديولوجيا أيضاً، لهذه المجتمعات المتأخرة من التقدم، سواء كان ذلك من أجل احتفاظها بالسيطرة على الأسواق والموارد والمواقع الاستراتيجية، التي تزيد من فرصها في التقدم، أو للحد من خطر ظهور قوى جديدة اقتصادية واستراتيجية منافسة.
يشكل الكتاب محاولة للبحث عن جذور هذه الإعاقة على خطين متقابلينً ومتقاطعين معاً: سياسات الدول الكبرى واستراتيجياتها، وما أدت إليه من استقطاب عالمي بنيوي بين المجتمعات المركزية المتقدمة والمجتمعات الطرفية المتخلفة. وعلى الخط الثاني، يركز على الخيارات السياسية والاستراتيجية للنخب التي سيطرت ولاتزال على السلطة، وأدارت عمليات التنمية وبالأحرى إعاقة التنمية في البلدان المتخلفة. وهذا يعني أن مسألة التقدّم والتخلف ليست مكتوبة في نسيج أي عقيدة أو ديانة، وإنما هي ظاهرة تاريخية مرتبطة بشروط سياسية وجيوسياسية وثقافية واعية وخيارات استراتيجية لقوى مسيطرة. فهي ليست حتمية، وأبدية، وليس هناك ما يمكن أن يحول دون تجاوزها.