تهافت الخطاب والسياسة
2013-06-15:: المدن
15/06/2013
لم يأت زعيم حزب الله حسن نصر الله بجديد في خطابه إلى انصاره اليوم، مما لم يكن معروفا من قبل. ولم يكن تأكيده على استمراره في موقفه من العدوان سوى محاولة لتطمين طائفته التي أصبحت على اقتناع تام بالخطأ الجسيم الذي ارتكبه بحقها وحق أبنائها والرد على خوفها المتزايد من الانجرار نحو حرب طائفية ماحقة، تشمل المشرق العربي بأكمله.
في تبريره للعدوان، لم يذكر حسن نصر الله هذه المرة الدفاع عن المواطنين الشيعة السوريين المهددن، ولا عن مزارات المسلمين والسيدة زينب، ولكنه تحدث عن المؤامرة الكونية، وعن التدمير الحاصل في سورية على يد الثوار، وعن التكفيريين القادمين من الخارج بالألوف حتى لم يعد يرى خلفهم ثائرا سوريا واحدا.
من الصعب أن يقنع مثل هذا الخطاب المتهافت عاقلا، حتى أنصاره. فلا أحد يمكن أن يقتنع بأن نصر الله أصبح اليوم أكثر حرصا على سورية من السوريين، وأكثر من الادارة الأمريكية تمسكا بنظرية الحرب العالمية على الارهاب التكفيري. ولا بسعيه إلى تجنيب سورية الدمار بعد أن شارك بقواته في تدمير القصير ولا يزال يشارك بنشاط في تدمير مدن ريف دمشق وحلب بعدها. ولا يستقيم القول بأن أمريكا تدعم الآن التكفيريين في سورية بينما يريد هو أن يحرر العالم منهم ويلاحقهم في كل مكان وزمان. ولا يقنع أحد بنظرية المقاومة في الوقت الذي لم يحارب فيه وهو ونظامه المسعور منذ عام ٢٠٠٦ بالنسبة له، ومنذ عقود أربعة بالنسبة لمافيا الأسد، إلا في سورية وضد الشعب السوري، بينما لم يطلقا رصاصة واحدة على إسرائيل.
لا أحد يتآمر على حزب الله. لكنه هو وحلفاؤه في سورية وايران والعراق من يتآمر على الشعب السوري ويعتدي على أراضيه ويمنعه من ممارسة حقوقه الأساسية في تقرير مصيره، وهذا باسم مقاومة لم تقبل يوما أن تكون إلا ذات بنية طائفية حريصة على إقصاء الجميع، حتى أنصارها من الطوائف الأخرى.
لكن مهما كان الحال، يعرف جميع اللبنانيين اليوم أن الشعب السوري لن يقبل بأن تتحول بلاده إلى محافظة ايرانية، وأنه سوف يقاتل ضد ذلك حتى آخر قطرة من دم أبنائه الأحرار. ويعرف نصر الله وأعضاء حزبه الذين يجرون الطائفة الشيعية اللبنانية إلى مذبحة سياسية تاريخية أن العرب وبقية المسلمين لن يسمحوا كذلك بأن تتحول سورية إلى قاعدة ايرانية للصراع على النفوذ في المنطقة والعالم، وهذا ما أكدته مقاطعة الدول العربية لحزب الله والتعبئة المتنامية للرأي العام العربي والاسلامي خلف قضية السوريين العادلة. وهو ما جاءت المبادرة الأمريكية لتؤكده وتعزز اقتناع المجتمع الدولي بأكمله بأن نظام الأسد وسياساته ووسائله في القهر والارهاب أصبحت من خارج التاريخ.
https://www.almodon.com/opinion/2013/6/15/%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%81%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9