هناك سبب للتفاؤل

2014-04-21:: face book

 

بالرغم من كل الخيبات التي عودتنا عليها سياسة الولايات المتحدة في الحقبة الماضية، وبشكل خاص نحن السوريين، فهناك أكثر من سبب للتفاؤل بنتائج المحادثات الامريكية السعودية الأخيرة في المملكة. فمن جهة ما كان لزيارة باراك أوباما للرياض أي معنى إن لم تأت للتعبير عن تطور في الموقف الأمريكي من الملفات العديدة التي لم تخف السعودية خلافها مع الإدارة الأمريكية حولها. ولا قيمة لمثل هذا التطور إن لم يأت ليلاقي تساؤلات العرب وقلقهم، ويسعى إلى تقديم أجابات مقبولة عنها.
وفي ما يتعلق بالقضية السورية التي أصبحت من دون إرادة السوريين بؤرة الأزمة الشاملة والمتعددة الأبعاد التي يعرفها المشرق العربي، ومن وراءه منطقة الشرق الأوسط بأكملها، لم يعد يخف على أحد أن العامل الرئيسي في تشجيع نظام الأسد على الاستمرار في الحرب والاعتقاد بأن في متناوله حسم النزاع لصالح إعادة تأهيله لحكم سورية وتثبيت أركان النظام الدموي القائم لعقود طويلة قادمة، هو موقف الإدارة الأمريكية الرافض للانخراط بأي شكل إلى جانب الشعب السوري في انتفاضته من أجل الحرية وتأمين الحقوق الاساسية، وذلك بصرف النظر عن التبريرات التي لم ينس أوباما أن يشرحها للرأي العام العالمي في مقابلته مع شبكة "سي بي اس" التلفزيونية الاميركية، في روما، قبيل توجهه الى السعودية.
كان من الممكن لهذا الموقف أن يعبر عن خيار أخلاقي عميق يقوم على رفض اللجوء إلى السلاح لحل المشاكل السياسية لو تعلق الأمر بحرب خارجية بين دولتين، أو بحرب اهلية يجدر بالدول الأجنبية التوسط لإطفائها بدل استغلالها وصب المزيد من الزيت عليها. لكن الأمر كان غير ذلك في سورية تماما، حيث ولدت الكارثة من رفض نظام مدجج بالسلاح ومتمرس بالعنف القيام بالحد الأدنى من الاصلاحات للرد على مطالب ثورة شعبية سلمية، واعلانه الحرب على شعب أعزل واستخدامه كل الاسلحة بما فيها أسلحة الدمار الشامل لكسر إرادة البشر وإخضاعهم لإرادته بالقوة، وأكثر من ذلك فتحه الباب لكل التدخلات الأجنبية، لتعزيز قواته وموقفه العسكري، بما في ذلك استدراج المنظمات الإرهابية الدولية.
هكذا تحولت الحرب من نزاع سياسي على السلطة محصور داخل حدود الدولة السورية إلى صراع على ابتلاع سورية وضمها إلى ما يسمى بالهلال الأخضر أو الهلال الشيعي الذي لم يخف الايرانيون في أي وقت دفاعهم عن فكرته وتمسكهم بتحقيقه. في هذه الحالة، "تعفف" الأمريكيين عن الانخراط بشكل أو آخر في المواجهة لا يعني تخلي واشنطن عن التزاماتها الدولية وتركها الشعب السوري يغرق في الدم فحسب، وبالتالي تصبح السلمية والمسالمة هنا رديفا لانعدام الأخلاق، وإنما أكثر من ذلك تواطئا علنيا ورسميا مع الحلف الغازي والدولة الرئيسية التي تسعى إلى أن تبسط على المشرق كله نفوذها من خلال إلحاق سورية والعراق ولبنان.
من حق السعوديين والعرب أن يشعروا بالقلق والخطر الجارف عندما يرون أن التدخل الايراني الروسي المنظم والكثيف لانتزاع سورية من شعبها ومن بيئتها لا يجد أي رد فعل من طرف المجتمع الدولي والولايات المتحدة بشكل خاص، وأن يعتقدوا أن وراء هذا الموقف انحياز غير معلن لمحور ايران التي لا تخفي في مفاوضاتها مع الغرب نفسه طموحها وخططها التي تحدث عنها أوباما نفسه للسيطرة على المنطقة ولعب الدور الرئيسي فيها. ومن وراء ذلك احتمال العودة إلى تثبيت الأسد نفسه كأداة لمواجهة الارهاب الذي نفخ في ناره هو نفسه، بعد أن استخدم لعقود كأداة لقهر الشعب السوري وتركيعه وتحييده في المواجهات الجيوستراتيجية الشرق أوسطية.
أما السوريون فقد جعلتهم العطالة السياسية الأمريكية يشعرون بأنهم ضحية مؤامرة دولية لانتزاعهم من ديارهم وتحويل سورية إلى فلسطين ثانية يهجر أهلها لصالح توطين جماعات أخرى، ويتحول الملايين من سكانها إلى مسألة إنسانية، تستبدل فيها الإغاثة والتبرعات بالسياسة وتمكين الشعوب من حقوقها.

حددت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون السياسة الجديدة للولايات المتحدة في سوريا، في سبع نقاط يتصدرها موضوع "مكافحة الإرهاب"، ثم "منع المدن السورية التي تسيطر عليها المعارضة من الانهيار"، وأضافت باترسون أثناء جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، إلى ذلك تزويد "المعارضة المسلحة بالمساعدات غير الفتاكة"، ثم "إنهاء خطر أسلحة سوريا الكيماوية"، ثم دعم دول جوار سوريا من الحلفاء والأصدقاء، و "المساهمة بسخاء بالمساعدات الإنسانية"، ودعم المعارضة السياسية "بشكل مباشر ومن خلال مجموعة لندن 11"، وقالت باترسون إن الحرب الأهلية المستمرة شكلت مغناطيساً للمتطرفين العنيفين من الأجانب، وبعضهم من ذوي الخبرات القتالية العالية.