في الذكرى السابعة للثورة السورية

2018-03-15:: موقع د.برهان غليون

 

في الذكرى السابعة للثورة السورية المجيدة، وفي هذه الظروف العصيبة التي تتعرض فيها مدن وبلدات سورية في أكثر من منطقة لعمليات القتل والتهجير والتدمير المنظم، وأمام ما يعيشه السوريون من قلق وخوف واحباط من احتمال عودة نظام الإبادة الجماعية إلى الحياة، أود أن أٌقول لجميع السوريين،على جميع انتماءاتهم، أن ما حصل كان ثورة كبرى، وأن الثورة لا تهزم ولا تموت، ولن تذهب تضحيات ابنائهم ودماؤهم الزكية سدى، وأن ما بعد الثورة لن يكون، مهما كانت الظروف وتبدلت الأحوال، كما كان قبلها.

الثورة هي الأمل، والأمل لا يموت لأنه من دون الأمل لا توجد حياة. وقد دفع السوريون الثمن الأغلى من أجل أن تبقى شعلة الامل حية ومتوقدة. لن يتخلى السوريون عن أملهم، وسوف يبقون أوفياء، مهما قست الظروف وتبدلت الأحوال، لدماء أبنائهم، وأمناء على مباديء الحق والكرامة والحرية التي ثاروا من أجلها واصبحت شرط وجودهم.

صحيح ان السوريين لم يحققوا الحلم الذي تعلقوا به وهز وجودهم من أعماقه، لكنهم قضوا بالتأكيد، بالرغم من المظاهر، على الوحش الذي كان قابعا على صدورهم، وبددوا الخوف الذي كان يسكن دواخلهم ويشل إرادتهم ووعيهم. ولن يمكن لنظام الرعب والسلب والكراهية والتمييز الطائفي والقومي والاجتماعي أن يستعيد أنفاسه مهما حصل.

سيكون طريق البناء صعبا وطويلا من دون شك، لكن من رماد النظام السابق وأنقاضه التي ترمز إليها المقابر الجماعية والمدن المدمرة لن يخرج ولا يمكن أن يخرج بعد الآن أي نظام.

إما أن تكون سورية الجديدة دولة ديمقراطية غاية وجودها تحقيق مصالح أبنائها وسعادتهم، أي دولة مواطنة وعدالة ومساواة وقانون، تضمن حماية جميع أفرادها بالتساوي وتدافع عن حرياتهم وأمنهم وكرامتهم وسيادتهم على بلدهم ومصيرهم، أي أن تكون وطنا لهم، أو تبقى حطاما كما هي عليه اليوم، يتصارع على أشلائها ومواردها وحوش الأرض. لكنها لن تتحول ثانية، مهما كان الحال وساءت الظروف، إلى مزرعة اقطاعية وإمارة خاصة للأسد ولا لأي إقطاعي دعي، كما كانت، أبدا.

تحقق الجزء الأول من المهمة، تدمير نظام العبودية، بتكلفة باهظة، بعضها بسب نقائصنا وافتقارنا للألفة والانسجام في ما بيننا. ومنذ الآن نحن أمام تحدي بناء النظام الجديد، نظام الحرية والعدالة، وهذا يستدعي قبل أي شيء آخر أن نبدأ نحن بأنفسنا ونعالج عيوبنا. وهو متوقف قبل أي أحد آخر علينا.