حول موقف الغرب من الثورة السورية ومسؤولية المعارضة

2013-02-24:: face book

 

يتهم الكثيرون المعارضة السورية بالفشل في الحصول على دعم أميركي وأوربي حقيقي لأنها لم تقدم مواقف واضحة فيما يختص بتوجهات سورية ما بعد النظام تجاه المحاور الإقليمية والدولية بما فيها إسرائيل. وقي اعتقادي أن هذا الحديث من باب الذرائع التي بدأ الغربيون يستخدمونها متأخرين في علاقتهم بالثورة ليبرروا تقاعسهم والتخلي عن مسؤولياتهم الدولية. فالواقع أن المجلس الوطني قد أصدر منذ الأشهر الأولى وثيقة العهد الوطني، التي تعرف بسورية المستقبل التي ننشدها، وهي نفسها التي ستصبح وثيقة مؤتمر المعارضة بعد تعديل بعض فقراتها، بعد عام. كما أصدرنا وثائق عديدة حول المرحلة الانتقالية تستحق أن تنشر على نطاق واسع الآن. وقد عمل فريق من المجلس والمعارضة بالتعاون مع ألمانيا والإمارات العربية المتحدة على الملف الاقتصادي.

 

ولا أعتقد أن توجهاتنا كانت غير واضحة تجاه المحاور الإقليمية. لقد قلنا أكثر من مرة أننا نريد الانخراط الكامل للجامعة العربية معنا، وأننا لا نملك أي عداء لأي طرف، وأننا نسعى إلى علاقات طبيعية مع جميع الدول، ولن نعادي أحدا إن لم يبادر هو إلى معاداة الثورة السورية وحق شعبنا في الكرامة والحرية. وقلنا أكثر من مرة أننا على مسافة واحدة من جميع الأطراف الدولية، الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين. وقلنا للروس أننا لا نريد أن نستبعد روسيا عن الحل وأن لنا مصلحة كبرى في الابقاء على علاقاتنا قوية معهم لحفظ التوازن مع الكتلة الغربية ونحن نواجه تحديا كبيرا من قبل اسرائيل التي تحتل أراضينا. وكان الغربيون يلحون علينا في أن لا نترك الروس وأن نستمر على الحوار معهم. ولم نتردد منذ البداية في فتح حوار ايجابي مع جميع الدول. وعندما دعانا العراقيون لزيارة بغداد رحبنا بذلك وطلبنا منهم أن تصدر الحكومة بيانا يؤكد على حق الشعب السوري في تقرير مصيره في انتخابات ديمقراطية. وهو ما طلبناه من الايرانيين أيضا.

 

 لم يطلب الأروبيون والامريكيون منا شيئا سوى تطمين الأقليات وعدم القطع مع الروس. ولا أعتقد أنهم كانوا خائفين من أن نتبنى سياسات تضر بهم بينما كنا نطلب دعمهم. بالتأكيد لم نتخل ولن نتخلى عن حقوقنا في الأرض السورية المحتلة، وهذا ما لم نصمت عنه لأن هذه حقوقنا وهذا يتفق أيضا مع الشرعية الدولية. إنما نحن الذين كنا ولا نزال نحتاج إلى من يطمئننا من سياسات إسرائيل لا العكس.

 

 في نظري ان موقف الغرب الضعيف من تأييد الثورة كان نابعا في البداية من عدم تقدير الغربيين لخطورة الوضع واعتقادهم، والاتراك والعرب معهم، أن بشار لأسد سوف يرضخ للضغوط والعقوبات، وانه لن يقاوم طويلا بعد أن سقط بن علي ومبارك والقذافي. وكل شهر كانوا يفكرون أن النهاية ستكون خلال شهر أو شهرين. ولم يكن يقنعهم حديثنا عن الطبيعة الخاصة لنظام بشار الأسد وزمرته. وعندما اكتشفوا أن سقوط النظام لن يكون سريعا، ارتبكت سياساتهم، ولم يكن لديهم خيار طالما أنهم حسموا امرهم بأنه لن يكون هناك تدخل من أي نوع لا على الطريقة الليبية ولا بتكوين مناطق آمنة ولا حتى بحظر الطيران. وحاولوا أن يمرروا الوقت ويغطوا على ارتباكهم وعجزهم وإخفاق خياراتهم بالتركيز على تشديد العقوبات والدعم اللوجستي البسيط للثوار من جهة وبالحديث المكرور عن انقسام المعارضة وضرورة توحيدها، ثم في ما بعد عن غياب الرؤية الواضحة لسورية المستقبل.

 

 كان الأوروبيون، الذين لا يمكن لهم اتخاذ أي قرار بالحرب أو السلام من دون الامريكيين، يعتقدون أن انتخابات التجديد للرئيس الامريكي سوف تكون حاسمة في تغيير سياسات واشنطن. وكنت أقول لهم إن أوباما لن يغير سياسته حتى بعد الانتخابات. وانتظروا الانتخابات ولم يتغير شيء. ولا يزالون ينتظرون الحسم في الموقف الامريكي. ومن الواضح أن المشكلة تتركز هنا بالضبط. وقد تبين من خطاب أوباما عن حالة الامة والخطاب الذي سبقه أن المشكلة ليست في الإدارة الامريكية ولكنها في موقف أوباما نفسه. هو وحده الذي يعطل أي خيار بتسليح المعارضة لأسباب متعددة أهمها، كما ذكر الخوف على أمن إسرائيل. وهذا ضد رأي وزارة الدفاع والامن القومي. هذه هي الحقيقة التي تقرأ من الخطابات والمواقف المعلنة من دون حاجة لتفسير وتأويل.