إلى أعضاء الائتلاف الوطني السوري بمناسبة انتخابات 6 تموز 2014

2014-07-06:: face book

 

يلتئم اليوم شمل الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري لانتخاب قيادات المعارضة الجدد بعد نهاية الولاية القانونية السابق.

كان من المنتظر في هذا الظرف الدقيق من تطور الثورة السورية أن يتغلب العقل على الغريزة وحب الذات، وأن تتوحد القوى والجهود جميعا في مواجهة التحديات الخطيرة التي تطلقها التطورات الاقليمية والدولية أمام الشعب والبلاد.
فلا يخفى على أحد ما يواجهه الجيش الحر من ضغوط قوية، من قبل قوات النظام من جهة، وتنظيم داعش من جهة ثانية، تقلص باضطراد من دائرة نفوذه. ولا ما تتعرض له المدن والبلدات المحاصرة من هجومات متصاعدة تهدد بفتح الباب أمام انهيارات جديدة، في حلب وغيرها. ولا ما تشهده مواقف الدول المساندة للثورة من فتور نتيجة الاستنزاف وبروز مخاطر جديدة في العراق وغيره. ولا ما يخطط له من حرف الثورة عن أهدافها الرئيسية وتوجيه قواها لخدمة أجندة أجنبية. ولا ما يلوح أخيرا في الأفق، وهو الأخطر، من ملامح الاعداد لصفقة أو لمساومة دولية وإقليمية واسعة وشاملة، ستكون بالتأكيد على حساب السوريين إن لم تحقق المعارضة حضورا قويا ومؤثرا في الساحتين الاقليمية والدولية.
كان الرد المطلوب على ذلك هو دخول المعارضة بشكل قوي، منظم وموحد، على ساحة المواجهة، يؤكد تفاهم أطرافها وتعاونهم وعملهم كفريق واحد، وحسب خطط جدية وتقاسم واضح للمهام والمسؤوليات يزيد من تمثيليتها وصدقيتها ويرتقي بأدائها.
 فشل المساعي التي قمنا بها خلال الشهرين الماضيين لتجاوز الانقسامات وتوحيد الرؤية وبرنامج العمل، يعيدنا إلى المربع الأول، حيث تسود روح التنازع والاقتتال على المواقع والمناصب الفارغة، وتفتح المجال أمام كل أنواع المساومات والصفقات التي تحول السياسة إلى تبادل منافع شخصية وتقضي على أي امكانية للعمل على تحقيق رؤى وخطط سياسية عامة تتطلب التعبئة والتعاون وتعميق الثقة والتنسيق بين الجميع .
 بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الثورة، وأمام اقتراب الاستحقاقات الخطيرة القادمة، لم يعد من المقبول التسامح مع مثل هذه الممارسات التي أفقدت الائتلاف، الذي يشكل الذراع الوحيد الرسمي للمعارضة، كل ما لديه من صدقية، وحولته إلى عالة على الثورة والشعب، بدل أن يكون سندا لهما. في الوقت الذي تحتاج فيه سورية، اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى خطة انقاذ وطني، يتوزع فيها الجميع المهام والمسؤوليات، ولا يمكن ضمان نجاحها من دون التفاهم والتعاون بينهم: قادة وأعضاءا على حد سواء، من داخل الائتلاف وخارجه. هذه هي الشروط للعمل كفريق وطني واحد، وعلى هدى خطة وبرنامج عمل واضحين ومتفق عليهما، ورص الصفوف للدخول من جديد إلى ساحة المواجهة السياسية والعسكرية، التي غيبت المعارضة نفسها عنها، بسبب خلافاتها الداخية، وهي خلافات على التصدر والوجاهة، أو التي غيبتها عنها إرادة بعض الدول التي لا مصلحة لها بانتصار الثورة وتحقيق مطالبها وبرنامجها.
 في مناخ الصراع البدائي السائد والمتجدد على المواقع والمناصب والصلاحيات هذا، وفشل الاتفاق على خطة وبرنامج عمل متفق عليهما لمواجهة المهام الكبيرة للمرحلة القادمة، وما ظهر من انعدام روح التعاون والثقة ومعاني الالتزام، لم يعد هناك ما يبرر التفاؤل بإمكانية وضع حد لتدهور الأداء السياسي للائتلاف، أو لامكانية تحويله من إئتلاف المصالح الخاصة والإرادات الصغيرة المتنافسة على اقتسام رصيد الثورة وحسابها، إلى إطار وطني جامع يوحد قوى الثورة، ويستقطب المخلصين والأكفاء من أبناء سورية، ويعمل على تعبئة السوريين جميعا، وشحذ عزيمتهم، من خارج الدولة وداخلها، للخروج من الجحيم، وعبور الكارثة، وإحباط مخططات أعدائهم وقتلتهم، والانتقال نحو مرحلة استعادة السلام والامل واسترجاع البلاد من خاطفيها.
 وأمام حقيقة دخوله في الطريق المسدود، الذي طالما حذرنا منه، لن يستطيع الائتلاف، مع سيطرة اسلوب المساومات والصفقات على قيادته على حساب التفكير والعمل السياسيين، تجاوز أزماته السابقة، ولا توحيد المعارضة وقوى الثورة وراءه، ولا تشكيل الرافعة المطلوبة لانقاذ رهانات الثورة والشعب، أو تحقيق أي هدف من أهدافهما. وبصرف النظر عن المرشحين وكفاءاتهم، لم يعد هناك، في هذه الظروف، اي معنى للمشاركة في مسرحية "انتخابات" غايتها الوحيدة هي شرعنة اختطاف الائتلاف داخليا وخارجيا، أو المصادقة على اختطافه، ولن تكون نتائجها العملية سوى تكرار التجربة الأليمة الماضية للتنازع والاقتتال على المواقع والصلاحيات، مع نتائج أكثر ضررا وأشد فتكا بالمعارضة والثورة والشعب السوري.
 أدعو جميع أؤلئك الذين بقوا مخلصين للائتلاف حتى الآن، وتحملوا، بدافع الخوف من فراغ التمثيل، او الأمل باصلاحه وتطويره، كل ما خالط مسيرته وسياساته من نقص وخذلان للثورة السورية وتجاهل لآلام الشعب ومعاناته، أن يمتنعوا عن التصويت، ويتركوا المرشحين جميعا عراة أمام ضمائرهم، حتى يتم وضع حد لهذه المسرحية المأساوية، التي تمثل على جثمان الشعب وبدموع نسائه ودماء أبنائه.