نظام القتل المنظم للشعب السوري ليس سوريا فحسب

:: face book

 

لا تعبر عمليات القتل الجماعي المروعة التي ارتكبتها ميليشيات الأسد في جديدة الفضل أول أمس، وما رافقها من وحشية وتشفي وتمثيل بأجساد المدنيين الأبرياء، والرقص على جثامينهم في الشوارع والأحياء، بما يذكرنا باحتفالات آكلي لحوم البشر من القبائل البدائية، لا عن القوة ولا عن العزيمة والتصميم وإنما عن الذعر الذي يعيش فيه نظام مجنون فقد كل نوابض العقل والضمير والأخلاق، وهو ينظر إلى الهاوية السحيقة المفتوحة أمامه، هاوية السقوط والموت المحتم. 

لكن ما كان لهذا النظام أن ينجح في الاستمرار وممارسة جنون القتل والتمثيل والتشفي بالضحايا الأبرياء من السوريين، لولم يشعر بأنه لا يزال يتمتع بدعم كبير من حكومة ايران والميليشيات العراقية واللبنانية، وبحماية روسيا ورعايتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية. 
وما كان له أن يمعن في التصعيد في العنف إلى ما وراء حدود اي حساب، لو لم يتأكد، خلال الأشهر الطويلة الماضية، من أنه سيتمكن من الهرب من العقاب. وهذا ما توحي له به سياسة المجتمع الدولي وأصدقاء الشعب السوري، التي تصر على أنه لا حل للكارثة السورية سوى الحل السلمي، وأن مثل هذا الحل يعني أن النظام لا بد أن يكون جزءا منه، أي من المستقبل أيضا. 
على نذالة المجتمع الدولي وجبن سياسات تجمع “أصدقاء الشعب السوري”، وانانية الدول الكبرى التي خانت مباديء ميثاق الأمم المتحدة والعهود الدولية الأخرى المتعلقة بحقوق الانسان، ورفضها القيام بأي عمل حدي لوضع حد للمجازر اليومية التي تدمي لها قلوب كل صاحب ضمير، راهن الأٍسد ولا يزال يراهن في اتخاذه قرار التصعيد في القتل بلا حدود. بل لقد شجعه هذا على أن يفكر بأنه كلما زاد في القتل واستعراض مشاهد العنف العاري والتمثيل والتشفي من المدنيين الأبرياء، يظهر عجز المجتمع الدولي ويضع صدقيته في مأزق، ليجبر الشعب والثوار بشكل أكبر على القبول به جزءا من الحل . وكلما قتل أكثر كان موقعه في الحل المطروح أقوى وحصته منه أكبر.
كل هؤلاء الذين يدعمون المجرم وسياساته ويجدون له المبررات والذرائع، ويقدمون له شبكات الحماية والدفاع، مشاركون في الجريمة، التي لم تعد جريمة دعم الديكتاتورية كما كانت خلال أربعين عاما، وإنما جريمة اغتيال شعب وتحطيم نسيجه وتدمير بيئة حياته وشروط وجوده الأساسية. وهم مسؤولون، وسيبقون مسؤولين، أمام التاريخ والضمير الانساني والشعب السوري وجميع الشعوب المتعلقة بالحرية، عن الضلوع، بسبب الجبن أو التخاذل أو اللامبالاة، في الجريمة وعدم مد يد العون إلى شعب يتعرض لحرب إبادة جماعية.