في قيادة السلطة والمعارضة

:: موقع د.برهان غليون

 

ليس لدي شك في أن جزءا كبيرا من مناخ السخط والاحباط وعدم الثقة الذي يعيشه جمهور الثورة الواسع، ويقوده إلى التشكيك بنفسه وقيمة التضحيات التي قدمها، وهي هائلة، ناجم عن فساد منهج القيادة التي تنطعت لهذه الثورة واساليبها المأخوذة طبق الأصل عن القيادة الأسدية، حيث يعتبر صاحب السلطة او الذي يحتل منصب المسؤولية نفسه غير مسؤول، ولا يمكن مساءلته، بينما ترمى المسؤولية دائما على من لا يحتل أي منصب قيادي او موقع مسؤولية، أي على الجمهور البسيط نفسه. وهذا جوهر سياسة الاستبداد وقاعدتها، لأنه لا يمكن لصاحب السلطة المستبدة، على أي مستوى كان من مستويات القيادة الاجتماعية والسياسية، أن يدافع عن بقائه في موقعه من دون تغيير، ما لم يطمس معايير الشرعية، التمثيلية أو المتعلقة بالكفاءة والخبرة والانجاز، ويرفع منصب القيادة فوق أي تساؤل ومساءلة مهما كانت، ويحمل أخطاء القيادة مهما كانت أيضا إلى الأدنى رتبة وإلى الشعب عموما. هكذا بتقديسها السلطة ومناصب المسؤولية لذاتها، لا لما تؤمنه من مكاسب وانجازات، وتقديس رجال السلطة أيضا لأنفسهم بالمعية، تجنب سلطة الاستبداد نفسها أي مساءلة وتحول المحاسبة ذاتها التي ترفعها عن نفسها إلى سيف مسلط على خصومها، أي على المحكومين.