في خطأ الفصل بين السياسة والحرب

:: face book

 

كلما ظهر عجز المجتمع الدولي عن القيام بواجبه تجاه شعبنا، تخرج أصوات تقول لا تتوجهوا للخارج وإنما للداخل، أو “توقفوا عن التعويل على الخارج فقد جربتم هذا على مدار الثلاث سنوات الماضية ولم ينفع”، أو كفى عملا مع العالم الخارجي. وتعثر مفاوضات جنيف من جهة وتصلب الموقف الروسي من جهة ثانية يعيد إلى الواجهة فكرة الاختيار غير العملية وغير الصحيحة بين العمل في الداخل والعمل في الخارج.

 بالتأكيد ينبغي أن يكون محور جهدنا بناء البيت الداخلي للثورة والمعارضة. وهذا ليس الآن وإنما باستمرار وفي كل وقت وكل ساعة. من دون ذلك لا توجد ثورة ولا معارضة. وهذا ليس موضوع نقاش، لكنه لا ينبغي أن يطرح كخيار بديل عن العمل مع الخارج. والسبب:
 
أولا أن مشكلة ترتيب البيت الداخلي للمعارضة ليست مفصولة عن اختلاف قوانا في موقفها من القوى والتحديات الخارجية، ومن تقييم طبيعة المعارك والرهانات التي نتنازع فيها على جبهات متعددة سياسية وعسكرية وإعلامية وفكرية. ولا يمكن فهم النزاعات والتخبط داخل المعارضة من دون ربطها بالاختلاف على تقدير الموقف السليم من القوى الخارجية، سواء اكانت متمثلة بالنظام أو بحماته. فأصل الخلاف بين المعارضين هو نظرتهم المختلفة للعوامل والقوى المعادية، النظامية والخارجية.
 
وثانيا، بناء البيت الداخلي ليس مهما في ذاته ولكن لما يقدمه من طاقات لرد العدوان الخارجي، سواء من قبل النظام أو المؤيدين له. ونحن لا نبني الداخل إلا لمواجهة قوى الخارج عن الثورة والمعادي لها. ولذلك طريقة البناء وشكله مرتبط حتما بتقديراتنا لاستراتيجيات وأهداف ورهانات القوى التي تواجهنا.
 
هذا يعني أننا لا ينبغي أن نفصل ترتيب البيت الداخلي عن بلورة الاستراتيجية والخيارات السياسية الاخرى تجاه قوى الخصم. وأسوأ من ذلك أن نجعل العمل في الداخل وعلى الداخل بديلا للعمل على كسب الدعم والتأييد الخارجي أو تامين وسائل الدفاع المادية والعسكرية للثوار، ولا العكس.
 
ثالثا، الثوار والمعارضة ليسوا الوحيدين في توجيه شن الهجومات وإنما هناك هجومات بل أكثرها تأتي من الخصم. فإذا فرض علينا الخصم المعركة في ميدان ما، سياسيا كان أو عسكريا، داخليا أو خارجيا، لا ينبغي أن نهرب منها. وهجوم أعدائنا علينا في الميدان السياسي، أو على الصعيد الدبلوماسي والدولي أو على الصعيد الإعلامي، يحتاج منا إلى رد ناجع في الميدان نفسه، لا في ميادين أخرى، من دون أن يعني ذلك أن نتوقف عن بناء أنفسنا ومتابعة معركتنا في الميدان العسكري أو الميادين الأخرى. 
 
الثورة تحتاج إلى عمل متكامل في جميع الميادين، وفي الداخل والخارج وعلى الذات والآخر في الوقت نفسه