عن جمعة حماية الأكثرية

:: face book

 قبل أن يسمي الناشطون الثوار هذه الجمعة بجمعة حماية الأكثرية كنت قد كتبت في مذكراتي أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه روسيا والدول الغربية على كثرة ما

ركزت في حديثها وسياستها تجاه الثورة السورية على حماية الأقليات، أعطت الانطباع بأن حماية الأقليات في سورية مهمة مقدمة على انتصار الثورة، وأن هذا الانتصار يمكن أن يهدد بالفعل الأقليات.

لم تساعد هذه السياسة أبدا على تطمين الأقليات ولا على تحسين شروط حماية أفرادها بل بالعكس. قمن جهة أولى، بقدر ما ميزت مصيرها عن مصير الجماعة الوطنية خلقت فجوة بين الأقليات والاكثرية وأعطت الانطباع كما لو كان مصير كل طرف مختلف عن مصير الآخر إن لم مناقضا له. ومن جهة ثانية رسخت الفكرة القديمة الموروثة من عهد المسألة الشرقية والتي استخدمت فيها الدول الكبرى مسألة حماية الأقليات لتبرير تدخلها في شؤون الدولة العثمانية والمجتمعات العربية.
وكانت الحركة الوطنية السورية والعربية قد بذلت جهدا كبيرا في عقود ماقبل الاستقلال وبعده لتلغي هذا التمييز وتبني علاقات الوحدة والمساواة بين الأفراد، بصرف النظر عن الانتماءات المذهبية، لصالح بناء مفهوم الأمة والشعب الواحد.
لم تقدم سياسة حماية الأقليات والتركيز عليها خدمة للأقليات، بل عملت على إثارة الشك في انتمائها للجماعة الوطنية، وزرعت المخاوف لديها، حتى وهي تدعي الدفاع عن حقوقها وتطمينها. ووجهت من دون أن تقصد أنظار الأكثرية إليها بوصفها جسما متميزا عن الكل.
والواقع لم يكن هدف الدول من هذه السياسة ضمان مصير الأقليات ولا حمايتها من أي عداء محتمل، وإنما استخدامها ذريعة للتغطية على خوف هذه الدول نفسها من انتصار الثورة ومساعدتها. لكن النتيجة هي إضعاف الوحدة الوطنية وتخويف الأقليات وتعميق شعور الأكثرية بالغبن وعدم مبالاة العالم بمصيرها. أي دفع الأكثرية إلى تمييز نفسها والتعرف على هويتها كأكثرية في مواجهة أقليات بعد أن كانت الحاضنة الوطنية لها.
في نظري، سنكون أقوى وأكثر أمنا وثقة بالمستقبل، أقليات وأكثريات، عندما نرفع معا شعار الثورة الأول: واحد واحد، الشعب السوري واحد