سورية مستعمرة روسية: هل هي يالطا امريكية روسية جديدة؟ 

:: face book

واضح من التصريحات الأخيرة لمسؤولين روس كبار أن موسكو لم تعد تتصرف في سورية كحليف للنظام أو شريك له وإنما تعتبر البلاد بأكملها مستعمرة وتعطي لنفسها الحق، كأي سلطة استعمارية قديمة، بتقرر مصيرها كاملة وأجزاء من دون اي تردد. فهي تقودها، وتتحدث باسمها، مع الشعب السوري ومع الدول الأجنبية، وتحتكر لوحدها حق القرار في كل ما يتعلق بهذا المصير : الحرب والسلام، الدستور والانتخابات، طبيعة النظام ورئيسه وحصة المعارضة والعلاقات مع جيوش الدول الأجنبية الموجودة على الارض السورية، مصير الأكثرية والأقلية، طبيعة الدولة وبنيتها، وهي تقرر في ما إذا كان يوجد في سورية شعب، بالمعنى السياسي، أم شعوب وقوميات وطوائف ومذاهب وإتنيات وقبائل وعشائر، وتفاوض مع كل منها على حدا على مكانتها وحقوقها. هكذا يتعامل الروس مع سورية مستعمرة منزوعة القوة والسيادة، ولا يعيرون اعتبارا لا لشعبها ولا لمعارضتها ولا من باب أولى لرئيسها المزعوم وقادتها.
وكتتويج لانتزاعها حق الإدارة العسكرية والسياسية وبالتالي السيادة على سورية، لا تخفي موسكو أنها في طريقها لبناء أكثر من مستوطنة روسية مرتبطة مباشرة بموسكو، ولا علاقة لها مطلقا بالإدارة السورية، تقاد ذاتيا من قبل المستوطنين العسكريين والمدنيين. 
هذه هي اليوم بالفعل “سورية الأسد” مستعمرة روسية وموسكو هي التي توزع الحصص والادوار ومناطق النفوذ على الآخرين، بما فيهم رئيسها الافتراضي، وتفصل حسب ما تريد حدود جماعاتها ومكانتها.
وتتحدث من منطق القوة كما لو كانت سورية حصتها الطبيعية من قسمة دولية. لايمكن لمثل هذا الموقف ان يفهم من دون ان تكون قد حصلت يالطا جديدة امريكية روسية حول تقسيم المشرق واعتراف للروس بسيطرتهم على سورية مقابل اعتراف الروس بمصالح غربية اخرى.