حول مشروع تشكيل مجلس قيادة للثورة السورية

:: face book

 

الإعلان عن تشكيل مجلس قيادة للثورة في الداخل، وحجم القوى والأطراف المشاركة فيه، ونوعيتها، خطوة مهمة على طريق حل المعضلة الرئيسية التي عانت منها الثورة السورية خلال سنواتها الماضية، وهي غياب القيادة. 

كان من المؤمل أن يشكل المجلس الوطني نواة هذه القيادة لو لم ينزلق إلى معركة الصراعات الدورية، إن لم تكن اليومية، على النفوذ والمناصب والمحاصصات، ويبدد جهوده ووقت أعضائه في خوض المعارك الجانبية والشخصية، بدل أن يكرسها لمتابعة شؤون الثورة والثوار والتفاعل معهم.
لكن لنترك الماضي ونفكر في المستقبل. والتفكير في المستقبل يعني أن نساعد المجلس الجديد على تجنب عثرات المجالس العسكرية وغير العسكرية والتكتلات السابقة الكثيرة التي تشكلت، بما فيها بين كتائب وألوية مقاتلة وثورية. وأن نفكر في الطريقة التي تسمح له أن يستمر ويتصلب عوده، ويتحول بالفعل من فكرة إلى قيادة حقيقية ومؤثرة. وهذا ليس بالتحدي السهل إذا أدركنا الظروف التي تحيط اليوم بالثورة والثوار معا.
الضمانة الوحيدة كي لا يقع المجلس في المأزق نفسه الذي وقعت فيه هذه التكتلات، بما فيها المجلس الوطني والائتلاف هو أولا أن لا يدخل في الصراع مع أي هيئة قائمة ولا يطرح نفسه بديلا لأحد، وأن يركز بالعكس كل جهده وعمله على دفع العمل الميداني والعسكري وتلبية حاجات المقاتلين والثوار. وثانيا أن لا يتشكل على أساس اتفاق مضمر على برنامج لم تتم مناقشته والتدقيق في صلاحيته، وإنما أن يمهد له بنقاش جدي وقصير، لكن واضح وحاسم، بهدف التوصل إلى توافق قائم عن وعي وإدراك للمشاكل واقتناع بالعمل المشترك، بالرغم من الاختلافات في الرؤية، وتحديد مجال الخلاف المسموح به، ومجال تحريم الإعلان عن أي خلاف،
وكنت أتمنى لو أن القادة الميدانيون والشخصيات الأخرى القريبة منهم، الذين أعلنوا موافقتهم على تشكيل هذا المجلس، بادروا، قبل الإعلان عنه، إلى طرح خططهم واستراتيجياتهم وبرنامج عملهم على جميع الأطراف والشخصيات حتى يصلوا إلى رؤية واضحة ومشتركة وتفصيلية، تنزع فتيل الاختلافات التي من المحتمل أن تكون قد أخفيت في البداية بسبب الشعور بالحاجة إلى التضامن، وحالما يتحسن الوضع تبرز إلى الواجهة وتهدد كل شيء.
هذا أكثر من مهم بعد سنوات طويلة من الصراع الدامي وتشعب القضايا وتعقد المشكلات وتداخل الأيادي السورية وغير السورية في كل المجالات والميادين، وتباين وجهات نظر السوريين المتزايد بالطريقة الأمثل لمواجهة قضايا خطيرة، وفي مقدمها إعادة تأكيد أو تعريف اهداف الثورة، وتحديد معنى السياسة الوطنية وتمييزها عن السياسات الطائفية، والحسم في مسألة العلاقة بالميليشيات الأجنبية والتكفيرية وغيرها من القضايا الكثيرة التي هي اليوم مثار جدل عند الثوار وكافة السوريين على حد سواء.
لكن هذا لا يمنع أن نقول لأصحاب هذه المبادرة الأكثر من مطلوبة نعم ما فعلتم وكل السوريين يشدون على أياديكم وينتظرون نجاحكم.