إسقاط الأسد؟

:: موقع د.برهان غليون

 

 تصريحات السفيرة الأمريكية في الامم المتحدة هايلي البارحة لم تأت بجديد. هذا ما كان قد أعلنه المرشح ترامب قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة. وهذا ما جعلني أقل تفاؤلا من كثيرين باحتمال أن يكون له سياسة سورية أفضل من سابقه اوباما، وكذلك أقل مراهنة على تبدل فعلي في السياسة الأمريكية تجاه القضية السورية. وهذا ما كررته في تصريحات سابقة. وعندما أقول تجاه القضية السورية فأنا لا أقصد نفوذ ايران الاقليمي أو الحرب على الارهاب، فهذان ملفان يعنيان السياسة الدولية والامريكية والاسرائيلية بشكل خاص، ولا يقدم المجتمع الدولي شيئا للشعب السوري بابرازهما، بالعكس هو يستخدمهما لتغييب مأساة هذا الشعب الحقيقية. القضية السورية هي ببساطة قضية الأسد ونظامه الذي روع السوريين خلال عقود ودفعهم للثورة وقتل مئات الآلاف منهم وشرد الملايين ودمر وطنهم من أجل البقاء مدة أطول في السلطة. ما عدا ذلك من قضايا توطن الارهاب في سورية وتوسع نفوذ ايران الاقليمي هي أمور أكبر، تسببت في تحولها إلى مسائل شائكة في سورية سياسة الأسد ونظامه. وهما معلقان به وسيبقيان مابقي أيضا مهما جندت واشنطن من قوة لاقتلاعهما.

لكن تصريحات السفيرة الأمريكية ذات دلالة مهمة مع ذلك، وهي أن السياسة الامريكية الجديدة تجاه سورية لن تهتم بالشعب السوري ومصيره، وسوف تستمر متمحورة حول المصالح الأمريكية والاسرائيلية. ولا يزال لدي شك في أنها سوف تتخذ قريبا اجراءات حاسمة تجاه النفوذ الايراني الواسع النطاق في سورية. ولو حصل يمكن ان تكون هذه نقطة التقاء في المصالح مع المعارضة السورية يبنى عليها، بالرغم من الخلافات الجذرية العميقة التي سوف تظل تفصل بين الطرفين في كل الأمور الأخرى وخاصة حول مرحلة الانتقال ودور الأسد فيها.

إنما، بعد ذكر كل هذه الملاحظات، لابد من القول إن الأسد لم يعد نظاما قائما بذاته، لأنه لم يعد هناك في سورية نظام بالفعل، ولكنه تحول إلى قناع تستخدمه العديد من الدول المعادية له والمؤيدة له للدفاع من ورائه عن مصالحها القومية الخاصة، ولذلك لن يمكن التخلص منه قبل أن تتبلور تفاهمات دولية، امريكية روسية بشكل خاص حول وراثة الأسد وحكمه. وهذا ما لم يتضح بعد.

باختصار وببساطة لا يحتاج السوريون إلى الأمريكيين ولا إلى غيرهم لإسقاط الأسد، فقد أسقطوه بأجسادهم ودمائهم التي تسيل منذ ست سنوات. ما يطلبه السوريون هو أن يحمل الأمريكيون وشركاؤهم جثة الأسد الذي استخدموه حتى آخر نفس لتحقيق مآربهم القذرة ويرحلوا.