التهديد بالسلاح الكيماوي

2012-12-04:: face book

 

لا ندري في ما إذا كانت هستيريا القتل سوف تصل بالنظام السوري الى استخدام الاسلحة الكيماوية في معركة الحرية التي يخوضها شعب وضع وجوده في الرهان ولن يتراجع قبل ان يحقق اهدافه النبيلة. لكن ستكون تلك أول مرة تستخدم فيها مثل هذه الاسلحة في صراع سياسي كان من المفترض ان يحل من دون اي حاجة للسلاح لو كان الحاكم في دمشق إنسان او كان النظام نظاما سياسيا. والحال ليس الحاكم في دمشق إلا مسخا قميئا ليس له من الانسان إلا المظهر الشكلي وريما نظر إلى نفسه ونظر إليه أتباعه كإله، لا يقبل من المحكومين غير الخضوع والاذعان والتذلل والانتحار على اعتاب مسرحه العبودي. ومما يزيد من القلق ما نقل عن الوفد الروسي من حالة الاحباط الشديد التي يعيش فيها رئيس هذا النظام.
لكن لو حصل ذلك بالفعل فلن يكون النظام المسخ هو المسؤول الوحيد عن الكارثة الانسانية التي ستحل بسورية وبالمنطقة وبالعالم أجمع، وإنما ستكون المسؤولية اكبر على تلك الدول العديدة التي دعمت نظام الاسد منذ نصف قرن ورفضت ان تنظر في انتهاكاته المستمرة لحقوق شعبه، وتلك التي زودته بالاسلحة الكيماوية ولا تزال، وتلك التي تركته يستخدم كل أنواع الاسلحة خلال واحد وعشرين شهرا ضد شعب لم يطالب بأكثر من حقوقه الاساسية في أن لا تداس كرامته بالنعال، ولم تقم بأي رد فعل يجعله يدرك أن لحياة الانسان في سورية ثمن تماما كما هو الحال في البلاد والمناطق الأخرى. وكل ذلك نتيجة لحسابات ليس لها علاقة بالمخاطر التي يثيرها البعض من الدول الكبرى حول الفوضى أو الحرب الأهلية.
مسؤولية كبرى تقع على هؤلاء الذين رفضوا أن يقوموا بأي فعل لوقف المجزرة اليومية التي خطط لها ونفذها النظام خلال اشهر طويلة أمام سمع العالم ونظره وفي تحد سافر لكل المواثيق الدولية وتصريحات زعماء الدول الغربية. وليس للحديث المكرور من قبل اوباما أو وزيرة خارجيته عن رفضهما استخدام الاسلحة الكيماوية أي قيمة. فلا ينبغي أن ينتظر المجتمع الدولي استخدام الاسلحة الكيماوية حتى يتدخل. عليه ان يتدخل لمنع استخدامها لو كان لديه اي شك في انها سوف تستخدم.
والأقبح من هذا ما اعلنه ناطق خارجية النظام الذي صرح بأن النظام لن يستخدم الاسلحة الكيماوية حتى لو امتلكها ضد شعبه. وهذا اعتراف بأن النظام يستخدم كل انواع الاسلحة الثقيلة والخفيفة ضد شعب وليس ضد منظمات ارهابية. ومن يستخدم هذه الاسلحة لقتل الاطفال والنساء والرجال من ابناء سورية لا ينتمي إلى هذا الشعب ولا يمكن ان يكون جزءا منه. ولا شيء يمنع هذا النظام المسخ نفسه من استخدام اي سلاح دمار ضد شعب لم ينظر إليه يوما باعتباره شعبه، بل حتى باعتباره شعب. لقد نظر إليه دائما وخلال نصف قرن على انه عدوه الرئيسي ومصدر الخطر الأول عليه.
الحديث عن احتمال استخدام الاسلحة الكيماوية في الصراع الدائر في سورية ليس له سوى معنى واحد هو أن النظام فقد اي أمل وأنه في ايامه الأخيرة وان الدول التي حمته حتى الان أو مددت في عمره تدرك اليوم أنها مضطرة إلى أن تضع حدا لهذه المأساة إذا لم تشأ أن تكون شريكا في الجريمة الكبرى.