الانتقام ليس القضية

2018-02-04:: موقع د.برهان غليون

 

أثارت إدانتي لبعض الممارسات الوحشية ردود فعل قاسية من قبل بعض أصدقاء الصفحة. وأنا إذ اتفهم هذه الردود بسبب المعاناة اللاإنسانية التي تعرضوا لها في السنوات الماضية، وخيانة المجتمع الدولي لقضيتنا، وتخبط النخب الاجتماعية، اجد من الضروري أن يتفهم هؤلاء ايضا أن إدانة الأعمال الوحشية، من أي طرف جاءت، ولأي غاية هدفت، لا يمثل دفاعا عن احد، لا عن الكرد ضد العرب ولا عن العرب ضد الكرد، وانما هو دفاع عن انسانيتنا التي من دونها لا نكون لا كردا ولا عربا، وإنما وحوشا ضارية.

أن يكون الآخرون قد فعلوا ذلك قبلنا أو أكثر منا، كما أشار كثيرون، لا يعني أن فعلهم أصبح قاعدة سلوك، ولا أن الوحشية أصبحت فعلا صالحا. وتورطنا في الوحشية لا ينقذ ضحاياها من بين من افتقدناهم من اعزائنا. إنه يدفع بالعكس إلى مزيد من الوحشية. أخطر ما في الحروب هو إجبارنا من قبل أعدائنا على الاقتداء بأعمالهم، وتجريدنا بالرغم منا من شرعية قضيتنا.

تفوقنا عليهم لا يكمن في قوتنا العسكرية، وإنما من سمو القيم التي ندافع عنها، وعدالتها، وهذا ما يحمي مجتمعنا من السقوط في البربرية، ويحفظ لكل واحد منا هويته الانسانية وقدرته على الارتفاع إلى مستوى الحياة الأخلاقية والقانونية ويجعل منا صالحين للحياة العمومية.

من الطبيعي أن يراهن أعداؤنا على تمجيد التوحش ومراكمة العنف والتهديد بحروب الابادة الجماعية لأن وجودهم قائم على نفي المجتمع وتحطيمه وتفكيك عراه، أما نحن فنراهن على تنمية قيم العدالة والمسؤولية ومشاعر الكرامة والألفة والتضامن في مجتمعاتنا التي دمرها العنف والعسف والوحشية. هم طلاب حرب دائمة ونحن طلاب سلام، هم أصحاب احقاد وانتقام،  ونحن أصحاب قضية.

مالم نكن اصحاب رسالة أسمى سوف نهبط إلى مستوى أعدائنا ونقبل بأن نجعل من حياتنا صراعا على تسجيل الرقم القياسي في عدد القتلى والممثل بهم، منهم ومنا. 
حتى نوقف الانهيار والسقوط إلى الهاوية الأخلاقية والمجتمعية ينبغي ان لا نسقط في أحابيل سعار القتل الذي أصابهم ، وأن نؤمن بأن قضيتنا أكبر من الانتقام والتشفي بسفك الدماء.

لا الانتقام قضية ولا الكراهية رسالة وانما هما ضرع الحرب الأبدية. 

لا ينقذنا التنافس في القسوة والعنف، ولا التبارز في قوة العصبية الطائفية أو الاتنية، وانما التمسك بحبل العدالة والحق واذا امكن الاحسان.