عن مستقبل الثورة

2017-07-31:: موقع د.برهان غليون

 

طرح قراء "أنا برس" العديد من الأسئلة الخاصة بـ "مستقبل الثورة" وماهية المسؤول عن "فشلها" هل الشعب السوري أم السياسيين السوريين أم القادة العسكريين؟ وتساؤلات أخرى حول المرحلة التي تقف فيها الثورة حاليًا..

الثورة لم تفشل بالضرورة إذا عرفنا كيف نستخدم الرصيد العظيم الذي تركه لنا مئات آلاف الشهداء وملايين الرجال والنساء والأطفال الذين ضحوا بكل شيء من أجل تأكيد حقهم في الحرية والتحرر من نظام القهر والاستعباد. انتزاع السلطة ليس هو الأساس، بالرغم من أهميته لتسريع بناء النظام الجديد ونشر قيم الثورة واعادة توحيد الشعب. المهم ان مجمل المناخ السياسي والقانوني والأمني والثقافي الذي كان سائدا من قبل والذي قام عليه البناء العنصري لنظام البعث وعلاقاته مع المجتمع وعلاقات المجتمع بين طبقاته ونخبه، قد انهار تماما. وان قيما جديدة وثقافة جديدة وعلاقات جديدة قد نشأت بين الأفراد والجماعات والمناطق والطبقات والنخب والجمهور. اليوم هناك سورية جديدة تولد وتظهر من تحت الأنقاض بالرغم من كل شيء وتجد نفسها في تناقض كامل ليس مع قواعد عمل النظام وقيمه وسلوك قادته فحسب وإنما مع قيم وسلوك قيادات المعارضة التي نشأت في حضن هذا النظام وحملت الكثير من ثقافته ومناخاته. الثورة الحقيقية بدات الآن. وفشل انتزاع السلطة لن يؤثر في تقدمها وربما سوف يعزز أكثر من تحرر الفرد وانكبابه على بناء عالمه الداخلي والذاتي.

بالتاكيد خسر السوريون الجانب العسكري من الصراع، وتشترك في مسؤولية هذه الخسارة أولا المعارضة بمختلف تكويناتها السياسية والعسكرية، وعجزها عن تشكيل قيادة وطنية موحدة، والتفاهم حول برنامج وطني ديمقراطي يجمع السوريين، وثانيا الدول التي ادعت الصداقة للشعب السوري من دون أن تقدم له الوسائل الضرورية للنصر وثالثا المجتمع الدولي الممثل بالأمم المتحدة الذي استسلم لمنطق القوة ولم ينجح في تفعيل مواثيقه وقراراته.  لكن خسارة المعركة العسكرية لا تعني خسارة المعركة السياسية.

فقد انجبت سنوات الصراع الطويلة روحا تحررية لن يمكن لأي حكم أو مستبد أن يتعايش معها، وحررت جيلا من الشباب وأطلقت طاقات لن يستطيع اي حاكم بعد الآن أن يحتجزها ويخرس أصوات أصحابها. ومهما حاول نظام الأسد أو من سيخلفه من نظم الفلول التي ستفرض من قبل الدول الكبرى، فإن معركة الحرية سوف تستمر بوسائل أخرى، وما على قادتها الجدد سوى إعادة ترتيب أوراق قوى التغيير وتوحيد صوتها وبرنامجها لهيلكة المجتمع السياسي السوري الذي كان النظام القمعي الدموي قد حوله إلى رميم.