في حفل تأبين مي سكاف: تحية للفنانين السوريين المبدعين

2018-09-23:: موقع د.برهان غليون

في حفل التأبين الذي أقامه الفنانون السوريون لمي سكاف، وفي مقدمهم فارس الحلو، في مسرح المدينة الدولية للفنون في باريس، ما لفت نظري ليس عدد الحضور ونوعيته فحسب وإنما أكثر من ذلك الأداء الرائع لمخرجين وممثلين وكوريغراف وشعراء وموسيقيين ومغنين ومفكرين قد يشك السوريون الذين يعيشون في بلادهم بوجودهم بينهم. يخطر للمرء لحظة أو يكاد، على مرأى هذا التجمع الملفت بين جمهور الحضور ومحتلي المسرح، أن كل الذكاء والأناقة والفكر والفن الرفيع قد انتقل من سورية ليتجمع في المغتربات. لكن بالعكس، هذه نبذة عن الابداع السوري الهائل المدفون تحت عوارض القبر الكبير الذي حفره الأسد للسوريين جميعا، لمنعهم من التنفس والكلام والفن والفكر والرقص والفرح والغناء والحياة.

ما ظهر في المهجر خلال سنوات قليلة لا تذكر يشي يحجم الكارثة التي عاشها السوريون منذ نصف قرن والتي كادت أن تقضي تماما على سورية وروحها وثقافتها الانسانية المبدعة، لتحل محلها ثقافة العنف والكراهية والخوف والانتحار، وتحولها إلى مرتع لجميع الميليشيات. وهل هناك غير الخوف من تفجر هذه الروح الحية والمبدعة وتطلعاتها للحرية، ما يفسر هذا الكم الهائل من العنف والقهر والدمار الذي احتاجه مختطفوها لإبقائها تحت السيطرة وانتزاع استسلامها في الوقت نفسه.

 في لحظة من لحظات التأمل خطر لي أن الفن وحده هو الذي يصنع الامم ويمكن ان يوحد السوريين.

تحية إلى الفنانين السوريين الذين أطلقوا بمباراتهم الشجاعة ربيع دمشق، في العقد الاول من هذا القرن، وتحية مجددة إلى روح مي سكاف التي مثلتهم هنا بمقدار ما تمثلت هي  نفسها روح الحرية والكرامة والإباء التي تسكن شعبها، كما تسكن روح جميع المبدعين .