عن الصراع الايراني الاسرائيلي واحتمالات الحرب والسلام

2018-05-14:: موقع د.برهان غليون

ليس هناك ما يجمع بين نظام الخميني التيوقراطي ونظام اسرائيل القومي العنصري سوى عداؤهما المشترك للعرب، كل لأسبابه الخاصة. وهذا هو اساس الحلف الموضوعي القائم بينهما عمليا بالرغم من الشعارات. ولا يعني الحلف الموضوعي او العملي بين طرفين تفاهمهما أو تآمرهما المشترك والمباشر. وهو لا يلغي نزاع الاطراف لاختلاف مشاريعهم وحتى كراهيتهم بعضهم لبعض، وإنما يعني  تقاطع في المصالح موضوعيا، في ما وراء الصراع الايديولوجي والسياسي والاستراتيجي. وهذا هو عنوان النص السابق: "نزاع على الغنائم وتقاطع المصالح". فاسرائيل لها مصلحة في إضعاف العالم العربي، وسورية بشكل خاص، وايران لها مصلحة مماثلة في إخضاعها وإذا اضطرت تفكيك دولهم كي تمد نفوذها اليها، كما تريد ان تجعل من سورية والعراق جزء من هلالها الأخضر أو الشيعي، وهذه مصطلحات صحافتها ومثقفيها.

اساس الحلف الموضوعي هو التقاطع العملي في المصالح. اما التنازع فهو مرتبط باالأهداف الخاصة التي يرمي إليها كل طرف من إضعاف سورية وتحطيمها سياسيا وعسكريا. لقد دفع الخوف من انهيار نظام الأسد، على ضوء تفجر الثورة السورية الشعبية، والأزمة التي نجمت عنه، اسرائيل إلى أن ترى مصلحة كبيرة في استغلال الفرصة لتكسير سورية وأخراجها من المعركة لنصف قرن وتثبيت الحاق الجولان المحتل نهائيا بها وقطع الطريق على احتمال صعود حكومة وطنية وشعبية معادية لها في دمشق. أما ايران فلم تجد خيارا امامها للاحتفاظ بالاسد الضامن لنفوذها وتوسعها الجيوسياسي والمذهبي بديلا عن الحرب والمشاركة في تحطيم سورية قبل الحاقها بامبرطوريتها المنشودة.

الآن، ما تريده اسرائيل هو ان تحدد مصالح ايران في القطاع الاقتصادي والثقافي والديني فحسب وتمنعها من احتلال مواقع في القطاع الاستراتيجي والجيوستراتيجي تهدد مصالحها، في حين ان بناء قواعد عسكرية على مقربة من حدود الجولان يقدم لطهران مصلحة كبرى ويعزز دعايتها بأن احتلالها لسورية وقتل شعبها لم يحصل لمصلحة خاصة قومية وإنما لمصلحة عامة ومبدئية تتعلق بالدفاع عن المقدسات الاسلامية والقضية الفلسطينية. لكن نجاح هذا التموضع العسكري لطهران على مقربة من الحدود الاسرائيلية لو حصل سوف يشكل مصدر تهديد بزعزعة دائمة للاستقرار في اسرائيل ويضعف من هيبة ومكانة النخبة السياسية/العسكرية الحاكمة فيها، ولا يمكن ان تقبل به لأنه ضد مصالح نظامها ايضا. وليس هناك اي سبب في ان تضع جزء من سكانها تحت التهديد والابتزاز الدائم لدولة لا يومن جانبها.

ليس بين النظام الايراني والنظام الاسرائيلي اي مودة ولا مرجعية مشتركة للتفاهم بالتأكيد، لكن لديهما مصالح مشتركة في إضعاف العالم العربي لمنعه من التقدم وتعطيل قدرته على التأثير ووراثة مكانته. وليس من المستحيل، تجنبا لخطر حرب خاسرة ومدمرة لنظامهما، ان يتم التوافق الضمني على توزيع ميادين النفوذ، فتظفر ايران بعمليات السيطرة على قسم كبير من الاقتصاد السوري وتحظى بمواقع سياسية ودينية وعسكرية واسعة مقابل التخلي عن تخزين اسلحتها الاستراتيجية في سورية والابتعاد 40 كلم عن الجولان، ويظل بقاء الاسد والدفاع عن حكمه من نقاط التوافق الواضحة بين تل أبيب وطهران، وتعبيرا عن تقاطع المصالح الموضوعي بين الطرفين. هذا هو الاحتمال الأكبر. لكن هذا لا يلغي أبدا احتمال الانزلاق نحو الحرب، إذا أخفق الطرفين في الاتفاق.