حول مؤتمر حميميم لشعوب سورية الروسية

2017-10-26:: موقع د.برهان غليون

ليس للمؤتمر الذي تهم سلطة الانتداب الروسي بعقده في مقرها في حميميم أي هدف آخر سوى قطع الطريق على أي مفاوضات فعلية، ودفن جميع القرارات الدولية التي صوت عليها في هذا الإطار، وانفراد الحكومة الروسية بالحق في تقرير مصير سورية وشعبها، من دون أي مشاركة للقوى السياسية او الاجتماعية أو الاقتصادية السورية المنظمة. وباسم مؤتمر شعوب سورية تريد أن تلغي وجود الشعب السوري نفسه، وتعيد صياغته كمجموعة من الشعوب المتناحرة والمتنابذة، وتدعو من تشاء من الشخصيات والوجهاء والممثلين الكاذبين لقوميات موجودة وغير موجودة، من دون الاستناد على أي مرجعية سياسية أو قانونية أو فكرية تجمع السوريين أو تمهد لجمعهم. وهكذا تضمن، هي وحدها، فرض الأمر الواقع عليهم ، وتصوغ لهم الدستور الذي تريد، وتمرر ما تشاء من بنود اجندتها الخاصة، وبالنتيجة تجهز على القضية السورية بتحويلها إلى نزاع على تقاسم الدولة بين عشرات الشعوب والمذاهب والقوميات والطوائف المتناحرة بدل أن تكون كما هي في الأصل قضية شعب يكافح، بكل مكوناته القومية والدينية، ويضحي بكل شيء من أجل حقوقه وحرياته.

مؤتمر حميميم هو تقويض للحل السياسي لا مدخلا له، تماما كما كانت الاستانة تقويضا للوضع العسكري للمعارضة التي فشلت في أن توحد نفسها كما كان يقتضيه الحال منذ قدوم الروس على الأقل إن لم يكن منذ بداية الثورة.

لكن بعكس استانا التي نجحت فيها الفصائل في فصل القضية السياسية عن المسألة العسكرية ووقف اطلاق النار، مؤتمر حميميم يريد أن يخرج جميع قوى المعارضة من المشاركة ليحل محلهم تكتلا وهميا مفككا لا يمثل احدا ولا تهمه مصلحة أحد سوى تغطية الاحتلال وتكريس انفراد موسكو بالقرار السوري. وبدل أن يوحد الشعب السوري لا يعمل النظام الروسي بهذه المبادرة السيئة الحظ إلا على تقسيمه حتى ينصب نفسه وصيا عليه، وبدل أن يضمن الحل السياسي والخروج من الحرب بالانتقال نحو نظام يمثل السوريين بالفعل كشعب، يريد أن يجعل من التمثيل الشكلي مبررا لإلغاء سيادة الشعب وحقه في سلطة سياسية تنبثق بالفعل عن إرادته.

حميميم لايهدف إلى انهاء الحرب ولكن إلى تصفية قضية الشعب السوري الرئيسية، قضية الثورة والانتقال السياسي، كما لم يخف الروس هدفهم منذ البداية.

وبدل المساهمة في ايجاد تسوية بين الأطراف السورية يريد حميميم أنقاذ نظام الاستبداد والتسلط، وتحييد جميع الاطراف الداخلية والخارجية للامساك لوحده بمصير سورية ومستقبلها، وضمان البقاء أكثر ما يمكن من الوقت في البلاد شريكا لنظام الاحتلال الداخلي القائم الذي تحول إلى قوقعة للاحتلالات الأجنية. 

لا شيئ يمكن أن يكسبه السوريون من مؤتمر حميميم سوى تحطيم وحدة الشعب السوري نهائيا والقبول بتقسيمه والاجهاز على المسار السياسي الأممي، في جنيف واستانا معا لصالح الحلول التصفوية الروسية الايرانية.