الهيئة العليا للمفاوضات تعيد المعارضة إلى الطريق الصحيح

2016-01-29:: face book

 

أثار إعلان هيئة المفاوضات عن قبولها حضور محادثات جنيف قلق بعض قطاعات الرأي العام السوري المعارض الذي تابع مقاومة الهيئة للضغوط الدولية وتحمس لتمسكها الرائع بحقوق السوريين الأساسية وفي مقدمها عدم المساومة على الانتهاكات الصارخة التي وصفتها المنظمات الانسانية بالجرائم ضد الانسانية، وفي مقدمها الاعتقالات البربرية وحصارات التجويع والقصف بالبراميل والقنابل العنقودية للمدنيين.


ينبغي أن نعرف أن ما كان مرفوضا ليس المشاركة في مفاوضات التوصل لحل سياسي وإنما :
اولا عدم القبول بالدخول فيها بينما يستمر التجويع والقصف الهمجي على المدنيين وعمليات الاختطاف والاعتقال،
وثانيا إعادة توجيه العملية التفاوضية ووضعها على الطريق الصحيح، اي تحويلها من مباحثات للاتفاق على المشاركة في الحرب على الاٍرهاب لصالح روسيا وأمريكا وإيران وغيرها من الدول كما تريد روسيا وطهران، الى مفاوضات تهدف إلى تعبيد الطريق نحو تغيير سياسي بدءا بتشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات تقود عمليات اعادة هيلكة اجهزة الدولة وبسط الأمن والسلام وطرد الميليشيات الأجنبية الداعشية والايرانية وكل الميليشيات الاجنبية.
إذا التزمت الولايات المتحدة والأمم المتحدة بالوقف الفوري لحصار المدن، وحل مشكلة الاعتقالات، وتجنيب المدنيين القصف، وتعريف هدف المفاوضات الرئيسي على أنه الانتقال نحو نظام ديمقراطي، فسيكون هذا انتصار كبير لوفد المفاوضات ولقوى الثورة والمعارضة.

 

حتى الآن يبدو أن سياسة التمسك بحقوق الشعب ورفض التنازلات المجانية لصالح التفاهم الدولي قد حققت بعض أهدافها، وإن كان من السابق لأوانه التأكد من أن كل ما وعدت به الدول والأمم المتحدة سوف يتحقق بالفعل. فبعد خمس سنوات من سياسات الخديعة والكذب والتحلل من الالتزامات والمسؤوليات أصبح من الصعب علينا أن نثق بأحد.
علينا أن ننتظر ونرى. وأن نتمسك بموقفنا القوي ونرفض التنازلات المجانية في كل مراحل المفاوضات، مهما كانت الضغوط، ومن أي طرف جاءت، ونكرر أن زمن التنازلات قد انتهى.
مفاوضات السلام معركة قد تكون أصعب من المعركة العسكرية، لا يمكن أن نهرب منها ولا يمكن أن نتهاون فيها وفي الاعداد لكسبها. وهذا يستدعي قبل أي عامل آخر أن نبقى موحدين خلف وفد المفاوضات، وأن لا نوفر إظهار دعمنا وتأييدنا له، وثقتنا به وبحرص رجالاته على مصالح سورية وشعبها. وبهذه الثقة نعزز موقف الوفد ونزيد من تصميمه على التمسك بموقفه وإصراره على النصر.


إن تصحيح وجهة المفاوضات وحل الملف الانساني قبل بدء المفاوضات مكاسسب أساسية لا ينبغي أن نستهين بها بالتأكيد. فهي مقدمات مهمة لتعزيز موقف وفدنا وفي الصراع العنيف الذي سيستمر خلال المراحل التالية والصعبة من المفاوضات التي ليس لها، فضلا عن ذلك، سوى أمل صغير في النجاح.
لذلك لا ينبغي أيضا أن نتوهم أن ما وعدنا به قد أنجز أو أنه سينجز ببساطة. سوف يستمر أعداء الثورة في السعي إلى الالتفاف على هذه المكاسب وتفريغها من مضمونها. فخصمنا ليس بالعدو السهل. وهو ليس طرف واحد وإنما أطراف تكالبت علينا بسبب ما أظهرناه في المرحلة السابقة من انقسام وضعف وتباين في الرأي والرؤية، لم يعوض عنه سوى استعداد شعبنا الهائل للتضحية.
أما الآن فينبغي أن تكون الوحدة والثقة والتعاون والعمل كفريق بين كل أبناء الثورة وأنصارها، مقاتلين وناشطين، أساس عملنا، وأن تحل النصيحة والنقد البناء محل التشهير والتجريح والشماتة التي سيطرت على سلوك الكثيرين منا في السنوات الماضية.


إذا بقينا موحدين سننتصر مهما كانت قوة خصومنا لأن قضيتنا عادلة وهم ظالمون ومعتدون. ولن نكون موحدين ما لم تتغلب روح الثقة التي تجمع بيننا على روح الشك والمناكفة والمخاصمة التي فرقتنا خلال عقود طويلة سابقة.