أسئلة عن الهدنة السورية

2016-02-29:: face book

 

يسأل المواطن السوري الذي يراقب بقلق مصير اول هدنة تعلن بعد خمس سنوات من الحرب الوحشية والقتل اليومي المنظم من قبل النظام والميليشيات الطائفية الحليفة له:
١- هل جاءت الهدنة للتغطية على قرار موسكو الاستمرار في الحرب ضد فصائل الجيش الحر أم هي خطوة على طريق البحث عن حل سياسي؟
٢- هل هناك فرصة كي تصمد وتستمر؟
٣- ماذا ستجني المعارضة من هذه المغامرة التي قد تنعكس عليها سلبا وما ذا استفادت حتى الآن من الموافقة عليها واحترامها؟


الجواب هو أن هذه الهدنة هي أقرب إلى أن تكون خطوة على طريق البحث عن حل سياسي منها خدعة للايقاع بالفصائل. وهذا ما توحي به التحركات الدبلوماسية المستمرة منذ بيان فيينا والذي تأكد بإصدار قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ وأخير بصمود التفاهم الأمريكي الروسي بالرغم من كل الخلافات التي لا تزال قائمة. وهذا يكشف عن وجود حد أدنى من الإرادة الدولية للسعي لايجاد حل أو على الأقل لتخفيف حدة العنف واحتواء العواقب الوخيمة لاستمرارها من دون نهاية.
أما في ما يتعلق بصمودها، فلا توجد هناك ضمانة بسبب تعدد القوى وتنوع المتدخلين والمشاركين. لكن إذا نجحت في الصمود خلال هذا الأسبوع فسوف تشجع الدولتين الراعيتين للعملية السياسية على إعادة العمل بها. ستكون هناك خروقات مستمرة من قبل الأطراف التي ليس لها مصلحة في الحل، وعلى رأسها طغمة الأسد وطهران. لكن لدى الراعيتين القدرة على وقف الخروقات إذا أرادتا.


أما ما الفائدة التي جنتها ويمكن أن تجنيها المعارضة من قبول الهدنة والالتزام بها فهي في تأكيد أن الحل السياسي هو خيارها الرئيس وأنها مستعدة لأخذ المخاطر عندما يتعلق الأمر بتخفيف المعاناة عن الشعب وتشجيع طريق الحل السياسي الذي طالما تهرب منه النظام لأنه يعني النقاش في وجوده والاعداد لاستبداله بنظام آخر مهما كان ذاك النظام. ومنذ الآن أثبتت المعارضة جدارتها وحققت مكاسب كبيرة بإظهارها وحدتها وخضوع القوى المسلحة المقاتلة إلى القيادة السياسية الممثلة اليوم بالهيئة العليا للمفاوضات. فأهم أمر في الهدنة هو امتحان قدرة الأطراف على التحكم بقواتها. وبالتزام جميع الفصائل الهدنة أثبتت المعارضة المسلحة والسياسية معا أنها طرف ذو صدقية وشريك حقيقي للعمل من أجل السلام وإخراج سورية من المحرقة التي زج بها فيها نظام الطغيان والانتقام.


لكن كل ذلك يبقى مكاسب أولية وهشة وقابلة للارتداد. لذلك ينبغي أن نبقى حذرين، وأن لانتوقف عن فضح الاختراقات والضغط على الدول الراعية التي تريد الهدنة لإطلاق مفاوضات تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف الدولية والاقليمية وضمان مصالحها ولا تعير إلا اهتماما ضئيلا لمصالح السوريين الأساسية وحقوقهم، وربما تعد الخطط لتقسيم بلدهم وتفتيت مجتمعهم.. الهدنة والمفاوضات مسارات يستفيد منها من يعرف كيف يوظفها لتحقيق أهدافه، ومن يكون مدركا بشكل أفضل لمصالحه وقادرا على الدفاع عنها.