معركة ايران

2018-01-03:: موقع د.برهان غليون

 

مهما كان مصير الانتفاضة الشعبية الراهنة في ايران، لن يتوقف الصراع في داخل المجتمعات الشرقية قبل أن تحسم مسألة تغول السلطة الدينية على الدولة، وما نجم عن هذا التغول من الغاء فعلي للسياسة المدنية، وحرمان الشعوب من حقوقها الأساسية، وفي مقدمها الحق في الحرية السياسية والدينية والاخلاقية الذي هو أصل الحقوق. ولا يمكن لهذه الحقوق أن تتأسس وتتفعل مالم تلغى للأبد سلطة الوصاية وحكم النخبة، مهما كانت عقيدتها وأصلها. ولا توجد نخبة تحكم بمبدأ الوصاية على الشعب، وتبقى حصينة على الفساد، وأولها النخبة الدينية التي تميل بالضرورة إلى خلط حكمها بحكم الله، بمقدار ما تعتقد أنها وصية أيضا على دينه وأحكامه. وليس الفساد الأخطر سرقة أموال الشعب والتلاعب بها لمصالح خاصة أو فئوية، ولكن أخطر من ذلك الفساد في الأرض الذي يحلل للحكام المستبدين قتل النفس الانسانية، وتدمير حياة الشعوب، لإعلاء كلمتهم، التي أصبحوا يطابقونها مع كلمة الله، والدفاع عن اعتقاداتهم وخياراتهم السياسية، كما فعل طغاة طهران الذين دمروا حياة شعوب الشرق وحولوها إلى خرائب وشلالات من الدموع والدماء
إسقاط حكم رجال الدين الحالي في ايران سيعني نهاية أسطورة الدولة التيوقراطية التي سلب وهمها في العقود الماضية إرادة الشعوب واستنفد جهودها، وسيكون بداية حقبة جديدة تعيد شعوب الشرق إلى جادة العمل الطويل، الذي دشنته منذ قرنين قبل أن تخرج عنه، من أجل السيطرة على مقومات الحضارة وبناء أسس المدنية الصحيحة في ربوع أوطانها. 
ايران ذاتها، التي افتتحت حقبة "الثورة الاسلامية"، وقادتها قبل أن تتحول إلى حرب طائفية وتفضي إلى خراب المنطقة وانتحارها، هي التي تقود اليوم معركة إنهائها وإسدال ستار الختام عليها.