الحل السياسي بين واشنطن وطهران وموسكو

2017-03-27 :: رصد سورية

أنس الخطيب

 

صرّح المعارض البارز ورئيس المجلس الوطني الأسبق “برهان غليون” في حوار خاص مع شبكة “رصد سوريا” أنه يمكن القول أن ترامب تراجع عن فكرة المناطق الآمنة في سوريا، وأن تخبط السياسة الأمريكية تجاه سوريا يشكل العائق الأكبر في وجه المفاوضات السورية. وأكد “غليون” أن تضارب المصالح الإقليمية والدولية في سوريا يعقد العملية السياسية، جازما بأننا في بداية عملية سياسية طويلة ومعقدة، لتعدد الأطراف وتضارب المصالح الإقليمية والدولية، ولتلاعب الدول بقوى الثورة والنظام بهدف الابقاء على سيطرتها ومناطق نفوذها الأساسية. وهذا يعني ان التقدم سيكون أكثر من بطيء، خاصة وأن التخبط يبدو اليوم السمة الرئيسية للإدارة الأمريكية التي لا يمكن لأحد أن يتجاهل دورها في تقرير مصير أي أزمة عالمية أو ذات أبعاد جيوسياسية وجيوستراتيجية”.

وعن العمليات العسكرية على الأرض قال “غليون”: “لا يمكن فصل المكاسب العسكرية عن المكاسب السياسية في أي مفاوضات دولية. لكن في سورية لم يعد لهذا التقدم معنى كبيرا فيما يتعلق بالتسوية السورية السورية لأنه لم يعد يستند على قوى سورية ذاتية، ولكنه مرتبط بالمناورات والمواجهات الدولية. حدود أو هامش المناورة العسكرية أصبح ضيقا بالنسبة للنظام وللمعارضة، ويبدو في الكثير من الحالات وكأنه انعكاس لتفاهمات دولية أصلا”.

وحول اجتماعات أستانة التي بدأت بعد التقارب التركي الروسي اعتبر “غليون” أن “لقاءات أستانة كانت فاشلة إلى حد كبير لأن التفاهم الروسي التركي لا يزال يفتقر في نظري للوضوح والثبات. الروس لديهم مصالح كبرى في عدم القطع مع الاتراك وشدهم نحوهم، لكن الأتراك لا يمكن أن يقبلوا بالصيغة التي يقترحها الروس للحل، والتي تترجم بهزيمة للسياسة التركية التي كانت معادية بشكل واضح منذ ست سنوات لبقاء الأسد في السلطة ومعه النظام الذي يجدون أنفسهم في مواجهة معه”، مضيفاً “قد يقبل الأتراك بتسوية مؤقتة حول هذه النقطة لكن استمرار النظام كما يريد الروس لا يمكن هضمه. والواقع هذه هي مشكلة التسوية السورية على كل المحاور. هناك مصالح مشتركة للدول النافذة اليوم في سورية لكنه هناك أيضا تصورات مختلفة لنوعية الخروج من الأزمة وهذا هو الذي يعقد الموضوع”.

وعن تطورات الموقف الأمريكي حيال سوريا قال “غليون”: “منذ الآن يمكن القول أن ترامب تراجع عن المناطق الآمنة التي كانت تفكر فيها تركيا والمعارضة. وفي تصريحات المسؤول الأمريكي عن الشؤون الخارجية ربط المناطق الآمنة بالحرب ضد داعش. ويمكن أن يشتم من هذا التحديد الجديد أن المناطق الآمنة لا تعني ولا ينبغي أن تعني أو تدخل في مواجهة النظام أو في تقليص نفوذه وإنما في مواجهة الارهاب وداعش. ولا نزال أيضا بعيدين عن تحديد ما يعنيه الامريكيون بذلك”، مبيناً أن “أحد المشاكل الكبرى للمفاوضات كما ذكرت هو تخبط الإدارة الأمريكية في السياسة السورية والشرق أوسطية، بالرغم من تركيزها على الإرهاب، وتحجيم الوجود العسكري الايراني. ما عدا ذلك لايزال حقلا غامضا”.

وعن إمكانية قيام الأمريكان بتحجيم الدور الإيراني داخل سوريا قال “غليون”: “نعم أعتقد أن السعي لتحجيم الإيرانيين وإخراجهم من سورية هو هدف أمريكي أكيد، لأنه أيضا يتوافق مع استراتيجية اسرائيل التي استخدمت الاجتياح الايراني لسورية وغضت النظر عنه من أجل تدمير أهم خصم تاريخي وجغرافي لها وهي سورية، والآن ليس لها مصلحة في وجود قواعد إيرانية قريبة منها”. وأضاف: “يملك الأمريكيون وسائل عديدة للضغط على الإيرانيين للانسحاب، وأبسطها تسليح بعض القوى السورية بأسلحة تنهك الميليشيات الإيرانية، وتنزل ببعضها هزيمة ساحقة في جبهة من الجبهات. وهم منذ الآن أفلتوا الذراع الإسرائيلية لتضرب حزب الله، الذي أعتقد أن اسرائيل ستغض النظر عن حربه في سورية ما دام يشارك في تحقيق هدفها في تدمير الدولة السورية، واشعال حرب طائفية تفرغ المنطقة من كل قواها. وهناك الوجود الأمريكي العسكري المتنامي على الأرض السورية إلى جانب وجودهم في البحار والمحيطات القريبة. لديهم أكثر من وسيلة لتحقيق ذلك”.

وعن أي دور للروس حول إضعاف الإيرانيين في سوريا أوضح “غليون” أن “الروس ليسوا ضد إضعاف الإيرانيين لإخضاعهم لقيادتهم، لكنهم ضد سحقهم في سورية أيضا، فهم بالنسبة لموسكو حليف مهم في الحرب الاقليمية الدولية الدائرة في المشرق”. واعتبر “غليون” أن “سياسة ترامب الجديدة تجاه سورية لم تتوضح بعد”، مضيفاً أنه” فيما يتعلق بحل القضية السورية الداخلية، وإنهاء الأزمة السياسية، ليس لدى واشنطن حتى الآن أي جواب واضح للأسف”.

وعن مستقبل الشمال السوري في ظل التنافس الإقليمي والدولي والمحلي فيه أكد “غليون” أن “كل القوى تحاول أن تحتفظ بدور في الشمال بانتظار أن تتحقق التسوية والتفاهم بينها على خريطة النفوذ النهائية في سورية الجديدة. وفي اعتقادي ليس هناك أي أمر محسوم بعد في هذه المنطقة، بما في ذلك الأوضاع الكردية التي يبدو أن هناك اهتماما كبيرا بها من قبل الروس والامريكيين معا”.

وختم “غليون” حديثه لموقع “رصد سوريا” معتبراً أنه “ليس أمام السوريين سوى التفاهم والتضامن فيما بينهم في مواجهة القوى العديدة الرامية إلى إخراجهم من معركة مصيرهم، وفرض الوصاية بل الوصايات الدولية المتعددة عليهم. وهذا موجه لنخبهم السياسية والمثقفة والاقتصادية والاجتماعية كلها. ينبغي أن نبدأ طريق العودة نحو الوطنية والعمل لإعادة توحيد سورية في العاطفة والعقل قبل توحيدها في السياسة وإعادة بناء الدولة السورية الجامعة والديمقراطية”.