السفير: حول الداخل والخارج والمعارضة

2006-03-27 :: جريدة السفير

أبي حسن - السفير 

 

* القرار 1559 ثم القرار 1664 , ما الذي ينتظر سوريا (نظاماً ومجتمعاً) بعد ؟وهل ثمة فسحة أمام النظام للمناورة؟

بالتأكيد كرس القراران وما تبعهما من أحداث في لبنان، وفي مقدمها اغتيال رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري، خسارة دمشق لسيطرتها على لبنان نهائيا وفرض عليها سحب قواتها العسكرية منه. لا يعني هذا أنها فقدت كل شيء في لبنان ولا أنها لم تعد تملك أي هامش للمبادرة هناك، أو في سورية والمنطقة عموما. فهي لا تزال تتمتع بأدوات عمل كثيرة نتيجة تحالفاتها السابقة ووجودها على الأرض في أكثر من مكان. ولا أعتقد أن نظاما يكرس كل جهوده وموارد البلاد التي يسيطر عليها لأهداف أمنية، بالمعنى الشائع للكلمة، أي لتوفير الحماية للنظام والدفاع عنه بكل الوسائل، العسكرية والسياسية والدعائية، يمكن أن يفقد نهائيا كل وسيلة للضغط أو للتهديد. ثم إن هشاشة الأوضاع العربية والإقليمية، من الناحية الأمنية الاستراتيجية والاجتماعية والسياسية، تقدم للنظام فرصا لا ينبغي الاستهانة بها للإبقاء على مثل هذا الهامش. ولم يعد خافيا على أحد اليوم أن الدول العربية المشرقية الرئيسية خائفة من عواقب انهيار النظام السوري وبذلت ولا تزال تبذل بالفعل جهودا استثنائية في سبيل مساعدته على الخروج من مأزقه، بالرغم من أنها ليست مستعدة أيضا للتعاون الايجابي معه. كما لم يعد خافيا على أحد أن إسرائيل التي تمتعت بجبهة شمالية هادئة طوال أكثر من ثلاثين عاما، بالرغم من احتلالها للجولان وتوسيعها رقعة الاستيطان الاستعماري فيه، لا مصلحة لها بارتكاب مخاطر تغيير النظام القائم على حدودها الشمالية وفتح ثغرات في منظوماتها الدفاعية الراهنة هي في غنى عنها.
وهذا يؤكد أن كل نظام من النظم القائمة في المشرق العربي يشكل ركنا من أركان نظام أمني وجيوسياسي واحد، هو نظام الشرق الأوسط لما بعد الناصرية، وهو النظام الذي قام على أنقاض النظام القومي العربي الذي ارتبط بالمد القومي الشعبي في الستينات، وهدف، منذ ذلك الوقت، إلى قطع الطريق على نشوء أي حركة عربية شعبية معادية للغرب، أو مهددة لمصالحه الاستراتيجية والحيوية: في تعزيز الاستيطان اليهودي في فلسطين وضمان تدفق النفط والحفاظ على التبعية الاستراتيجية للمنطقة بأكملها للدول الصناعية الغربية. وهذا هو الأصل في تطابق السياسات الإقليمية تجاه الشعوب واتفاقها على استبعادها من أي حياة سياسية وتهميش المجتمعات ومصادرة حقوق الأفراد وحرياتهم مما أصبح سمة مميزة لمنطقتنا. وما كان من الممكن لهذا النظام الشرق أوسطي أن يستمر من دون التفاهم الضمني، لكن المحترم بدقة من الجانبين، بين الأوليغارشيات العربية الحاكمة، التي لم يعد هناك ما يمنعها من تحويل البلاد إلى ممالك خاصة، والدول الصناعية الكبرى. وهذا ما يفسر أيضا طبيعة الأهداف التي وضعت لهذا النظام، والذي تعاونت جميع الأطراف المعنية على تحقيقها، من ضمان الاستقرار الإقليمي وعدم التشويش على إسرائيل وتأمين التدفق الطبيعي للنفط وقطع الطريق على أي احتمال في عودة الحركات الشعبية التي انتشرت في الخميسنيات والستينيات وهددت المصالح الغربية والاسرائيلية، بصرف النظر عن عقيدة هذه الحركات ومرجعياتها القومية أو الدينية. وقد كان تحقيق هذه الأهداف الدافع الوحيد للتساهل مع النظم التعسفية العربية والحفاظ عليها خلال العقود الأربعة الماضية. فجيمع هذه الأوليغارشيات شركاء مع الدول الأطلسية الغربية في سياسة واحدة.
لكن القول إن النظام السوري لم يفقد كليا هامش المناورة لا يعني أنه سيجد طريق الخلاص. فهو في طريق مسدود تماما، وإذا نجح في كسب بعض الوقت، فإنه لن ينجح في ايجاد أي حل للمشاكل المعقدة التي وضع فيها البلاد، والتي دخل هو نفسه فيها. ولن يفيده الوقت المكتسب بالمناورة الداخلية والخارجية في التغلب على الصعوبات التي يواجهها، ولكنه سيدفع به أكثر فأكثر إلى الغرق فيها، بقدر ما سيفاقم ضياع الوقت، وما يعنيه من التنامي المستمر في الفساد والتدهور السريع في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، في ظل العجز الواضح عن الاصلاح، من أزمة المجتمع والدولة ويعمق تفسخ النظام.

 

* معارضة الداخل ترفض التعامل مع الخارج . ما يخطر في البال : أليس ثمة تقاطع بين مصالح الداخل والخارج , كي لايرفض الداخل كل عروض الخارج؟

*الهدف من هذا التناقض المصطنع بين الداخل والخارج بناء قطيعة نفسية وسياسية كلية بين الشعوب العربية والمجتمعات الأخرى المتقدمة التي تزخر بموارد تضامن كبيرة معنوية ومادية. وترمي الأوساط العربية الحاكمة التي روجت لهذا التناقض إلى تعبئة مشاعر الخوف من الأجنبي والانطواء على النفس والتشكيك بكل ما يأتي من الخارج، واتهام من يختلط بأهله أو يتعامل معهم باللاوطنية حتى يمكن عزل المعارضات الديمقراطية والاستفراد بالشعب وتخليد السيطرة الأحادية عليه.
وفساد هذه الإشكالية ينبع من أنها تضع الخارج كله في سلة واحدة. التيارات الديمقراطية تميز بالمقابل، ومن واجبها أن تميز، بين خارج وخارج. فالخارج لا يعني بالضرورة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أو حكومات الدول الصناعية الغربية. ففي الحكومات ينبغي التمييز بين الحكومات والدول التي تحمل في سياساتها مشاريع استعمارية أو هيمنية وتلك التي لا تحملها وتتعامل مع الشعوب والمجتمعات الأخرى على قاعدة الندية والاحترام المتبادل للسيادة والمصالح المشتركة. وإذا كان من الضروري أن ترفض المعارضة الديمقراطية، في الداخل والخارج على حد سواء، سياسات الحكومات الأولى، وأن تتصدى لمشاريع هيمنتها الإقليمية والدولية معا، فهي مدعوة بالعكس إلى أن تعمق تفاهمها وتوسع دائرة تعاونها مع جميع القوى العالمية التي تدافع عن القيم الانسانية وتؤمن بأهمية بناء عالم جديد قائم على الندية والمساواة بين الشعوب واحترام الآخر.
ثم إن الخارج أو العالم لا يقتصر على الحكومات مهما كانت سياساتها ولكنه يضم أيضا الرأي العام والهيئات والمنظمات الدولية والجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق الانسان وحريات المواطن، والتي يشكل وجودها تجسيدا لقيم التضامن الانساني النبيلة. وللعرب دور في إنشائها، ولهم حق في الحصول على دعمها. فمن يرفض مبدأ التضامن الذي تحمله هيئات إنسانية عالمية في مساعدتها للشعوب العربية يعني أنه يرفض مبدأ تضامن الشعوب العربية أيضا مع الشعوب المنكوبة، وبالتالي يدعو إلى خروج مجتمعاتنا عن مباديء الحق والعدل والانسانية.
باختصار، لا يمكن تغييب العالم كله وراء كلمة الخارج، ولا جعله مساويا ومكافئا لحكومة دولة واحدة أو مجموعة دول قليلة، مهما كانت درجة عدوانيته. وحتى في ما يتعلق بالحكومات غير الصديقة، نحن لا نعاديها من حيث هي ممثلة لمجتمع ودولة وإنما نعادي سياساتها وخياراتها الخاطئة، سواء ما تعلق منها ببلداننا أو بالبلدان الاخرى. فليس هناك أي سبب كي نفرض على أنفسنا العزلة والموت والاختناق مع جلادينا فقط لأنهم ينتمون إلى قوميتنا، ولا أن نغذي عند شعوبنا مشاعر اليأس والبؤس والعداء للعالم، اللهم إلا إذا لم يكن لدينا هدف آخر سوى الحفاظ بأي ثمن على سيطرة نظم سياسية أصبحت من مخلفات القرون الوسطى، لا تكتفي بتقييد الحريات فحسب ولكنها ترفض حتى الاعتراف بوجود شعوبها السياسي وتعاملها كما لو كانت أسرى حروب أبدية.
لا يمكن أن يكون هذا موقف القوى الديمقراطية. وهو ليس في مصلحة الشعب الذي ندافع عن قضاياه. إنه موقف النظم الأوليغارشية التي تهدف، من وراء عزل شعوبها وحرمانها من تضامن الرأي العام العالمي، إلى إخضاعها وإدامة سيطرتها عليها، وتحويل البلاد من أوطان إلى مزارع خصوصية، وتحويل الشعوب التي تعيش فيها إلى عبيد لا غاية لهم سوى تمجيد أصنامها البشرية.

لا يمكن للمعارضة إذن أن تضع نفسها في مثل هذا المأزق الذي وصفت، وأن تعتبر كل ما هو أجنبي استعماري وعدواني. وأعتقد أن لديها الحد الأدنى من الفهم والخبرة والذكاء حتى تميز بين ما هو في صالح وطنها وما هو ضد مصالحه، وأن تدرك أن من له مصلحة في جعل الخارج كتلة واحدة صماء معادية لسورية وشعبها، من دون تمييز، أو لا يمكن إلا أن تكون كذلك، هو من لا يريد للشعب السوري الحرية ولا التقدم ولا السيادة ولا الاستقلال، وإنما يسعى إلى تكريس التفاهم التاريخي بين الأوليغارشيات المحلية والخارج الاستعماري على حد سواء.
ولا أعتقد أن هناك شيئا تغير أو ينبغي أن يتغير في مواقفنا الوطنية التاريخية. فمثلما كنا دائما ضد الاستعمار والعدوان والهيمنة الأجنبية والظلم، سواء أجاء من طرف حكومات رسمية أو منظمات أهلية، ينبغي علينا أن نستمر في وقوفنا ضد سياسات القهر والظلم والعدوان، في الخارج والداخل، وضد جميع القوى التي تمارس هذه السياسات. وكما كنا نناشد القوى المحبة للعدل والسلام والحرية والاستقلال، في كل بقاع العالم، التضامن معنا والوقوف إلى جانب قضايانا العادلة، في فلسطين والعراق وغيرهما، فعلينا أن نعمل اليوم أيضا على توسيع دائرة التعاطف الدولي مع هذه القضايا الوطنية والديمقراطية نفسها. ولأننا لا ينبغي ولا يمكن أن نراهن في نزوعنا نحو الحرية على القوى الخارجية التي ساهمت، بسياساتها الخاطئة أو عن عمد، في جعلنا نرسف في أغلال الاستبداد خلال عقود طويلة، فنحن مدعوون إلى التحالف مع القوى الديمقراطية التي تتضامن معنا، وتقف إلى جانبنا في معاركنا ضد الاستعمار والعدوان والعنصرية والظلم. ولا يمكن أن نرفض تضامنهم معنا لأنهم من الأجانب. ولن نغذي الكره لهم ونشكك بنواياهم فقط لأنهم ليسوا من العرب أو لم يولدوا تحت سماء بلادنا.
بالعكس، تستدعي الأخلاق أن نشكر الغريب أكثر على مواقفه الانسانية وتضامنه معنا لأنه بالضبط ليس من أبناء جلتنا. وبالمقابل، ينبغي ألا نتساهل مع أبناء قومنا الذين تعمدوا الإساءة إلينا وضحوا بالمصالح الوطنية لحساب مصالحهم الخاصة، واستخدموا ولا يزالون يستخدمون مواقع المسؤولية التي تقلدوها لتجريدنا من حقوقنا، ولإخراجنا، ونحن داخل بلداننا، من جلنا ومجتمعنا وقومنا، ولتحويلنا إلى غرباء وأجانب في أوطاننا. فنحن لم نكافح ضد الاستعمار والاحتلال ونظم الوصاية والحماية والتبعية والاستغلال من أجل أن نستبدل نخبة استعمارية بيضاء بنخبة استعمارية لها لون بشرتنا ذاتها، مع الاحتفاظ بنظام الاحتلال والوصاية والحماية والتبعية والإذلال ذاته من دون تغيير. لقد ناضل أباءنا، بناة الاستقلال دفاعا، عن قيم الحرية والحق والقانون والعدالة والمساواة الانسانية. وكل من يقف في وجه هذه القيم أو يمنع تحقيقها هو عدو لنا، بصرف النظر عن نسبه وحسبه ولون بشرته أو مسقط رأسه.
لقد حان الوقت كي ندرك إن معركة الحرية لا تتجزأ، وهي معركة عالمية، ولا يمكن ربحها إلا بالتضامن بين جميع دعاة الحرية.

 

* ماهي الاحتمالات التي يمكن أن يلجأ إليها الأمريكيون والأوربيون إزاء تعاملهم مع النظام السوري؟

لماذا تريدني أن أفكر محل الامريكيين وأنشغل بهمومهم. لديهم بالتأكيد خيارات عديدة وهم لا يتركون واحدا منها. ما يهمنا أنا وأنت، أي المواطنين جميعا، أو ما ينبغي أن يشغلنا، هو توسيع خيارات السوريين وقدراتهم على التعامل الفعال مع هذا الوضع الذي ينكر عليهم الوجود السياسي، أكثر من أي شعب يخضع للاحتلال، ويحرمهم حتى من حقهم في التعبير ويصادر حرياتهم وإرادتهم الوطنية ويفرض عليهم وصاية أبوية مطلقة من دون حدود ولا ضوابط أخلاقية أو سياسية.
لا تستفيد المعارضة السورية من المراهنة على القوى الاستعمارية التي كانت ولا تزال الحليف الحقيقي للنظم التعسفية في المنطقة، بالرغم من المنازعات المتفجرة بينها اليوم بسبب الخلاف في السياسات الإقليمية. وليس هناك ما يمنعها من الاتفاق من جديد والتفاهم على حساب الشعوب، كما حصل خلال الحقبة السابقة. فلا تسعى الولايات المتحدة إلى تطويع النظم وتحويلها إلى أداة في يدها إلا لإدراكها بأن افتقارها للشرعية وابتعادها عن القاعدة الشعبية لا يترك لها خيارا آخر، إذا أرادت البقاء والاستمرار، سوى الرهان على الغطاءات الخارجية، العربية والدولية.
لذلك لن تجد عربيا واحدا يأسف لانهيار السياسات المغامرة والاستعمارية التي دفعت بالمنطقة منذ عقود، وبشكل أكبر اليوم، نحو الأزمة الطاحنة التي تعيشها. لا ينبغي أن يفهم من ذلك كما ذكرت عداءا أعمى للدول الغربية وإنما رفضا للسياسات الخاطئة والضارة بمصالحنا الوطنية من أي طرف جاءت، وعلى قدر هذه الإساءة والضرر، حتى لو جاءت من طرف قوى سورية داخلية. ونحن نعتقد أن السياسات الغربية لا تزال خاطئة بالمطلق تجاه المنطقة، حتى لو أن بعضها بدأ يتلمس خطورة التحالف اللامشروع مع النظم التعسفية وممارسة سياسة إطلاق اليد في شعوبها تفعل فيها ما تشاء.
بالمقابل على المعارضة أن تراهن على الرأي العام السوري وتعمل في سبيل توعية هذا الرأي العام وتنظيمه حتى يتمكن من استعادة حرياته وحقوقه ويبني قواه الخاصة التي تسمح له بالدفاع عن هذه الحقوق والحريات. وهذا ما كنا نفعله منذ عقود عندما كنا نطالب الولايات المتحدة والدول الأوروبية أن تكف عن دعم نظام العنف والعسف وتحترم المباديء التي تعلنها هي نفسها حول احترام حقوق الانسان. والحال أنها هي التي دعمت هذه النظم التعسفية العربية وهي التي غطت ولا تزال تغطي على انتهاكاتها الصارخة لحقوق الانسان، باسم الاستقرار أو التحالف ضد القوى الوطنية العربية، ومكافأة لها على غض النظر عن مشاريع الاستيطان اليهودية والقبول العملي بها. وهذا هو الذي غذى العداء للغرب أيضا في وسط الجمهور العربي ودفع إلى مزيد من التقارب بين النظم التعسفية والاستراتيجيات الغربية.

 

* كيف يقرأ الدكتور غليون هذا الانتقال التدريجي في سوريا والمتمثل من دولة "الصمود والتصدي" إلى دولة "المواجهة" ثم دولة "الممانعة" وأخيراً دولة "الله حاميها"؟

* قام النظام السياسي الراهن في ظروف انهيار حقيقي في المجتمع السياسي السوري، نخبا ومؤسسات، على أثر الانقسام العميق الذي أحدثته فيه النزاعات التي أعقبت اندلاع الثورة المصرية الوطنية والتأثير الطاغي للزعامة الكارزمية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وفي ما يشبه الغفلة من الزمن، نجح فريق صغير، وقليل الخبرة في تسيير شؤون الدولة والسياسة، في وضع يده على البلاد باستخدام الوسائل العسكرية. وحتى تحافظ النخبة الجديدة على تفوقها السياسي تجاه النخب الاخرى لم يكن امامها طريق آخر سوى تأبيد الظرف الاستثنائي، أي إلغاء الحياة السياسية من الجذور وفرض الأمر الواقع بالقوة. وهذا ما استدعى الإكثار من أجهزة الامن وتعميم نشاطها على كل ميادين الحياة الاجتماعية وحماية أعضائها من أي ملاحقات قانونية، مهما كانت نوعية الجرائم والخروقات التي ترتكبها. بذلك لم يعد هناك خيار آخر سوى التمديد التلقائي والدائم للوضع الاستثنائي القائم. وهو ما لا يزال قائما حتى اليوم.
لكن في غياب أي حياة سياسية، وبالتالي أي نقاش حول السياسات الداخلية الوطنية، السورية، لم يكن امام النظام من وسيلة لإضفاء الشرعية على الوضع اللاشرعي الذي أقامه سوى التمسك بخطاب القومية العربية الشعبي، بعد تفريغه بالكامل من محتواه. فإذا حذفنا من الخطاب القومي العربي الوحدة والحرية والاشتراكية، التي سارت ممارسة النخبة الجديدة الحاكمة بعكس ما تقتضيه تماما، لن يبقى شيء يسمح بالتقرب من القومية العربية سوى شعار الصمود والتصدي للهجمة الأجنبية. وهي في منظور الحكم القائم هجمة مستمرة ودائمة، لا تتغير ولا تتبدل ولا تتراجع أبدا، بالرغم من المقاومة والصمود والتصدي البطولي لجيش البعث وميليشياته الكثيرة. وهي كتنين الأسطورة، متعددة الرؤوس والاذرع والأشكال. فهي صهيونية أحيانا وأمبريالية أحيانا أخرى وحضارية غربية في مرحلة لاحقة، لكنها ذات هدف واحد لا يتبدل : القضاء على النظام في مرحلة أولى لسياسته التقدمية، والآن لسياساته القومية.
لا يهدف برنامج القومية الصمودية هذا إلى قطع الطريق على مناقشة أي برنامج وطني يتعلق بمشاكل المجتمع وأهدافه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ومعرفة ما تحقق منه فحسب، ولكنه، بتركيزه على الصمود والتصدي، يلغي أيضا أي إمكانية لمناقشة ما تحقق من البرنامج القومي العربي نفسه. وبقدر ما يطمس خطاب القومية الشعاراتية قضية المسؤولية السياسية، ويبرر ترك الامور سائبة على هوى المسؤولين ومصالحهم الشخصية في الشؤون الداخلية، فهو يسعى من خلال التعبئة النفسية القوموية إلى صرف النظر عن واقع أن الأراضي العربية المحتلة لا تزال تخضع للاحتلال والاستيطان، وأن موقفنا القومي لا يكف عن التقهقر، وأن مواقعنا تتساقط واحدها بعد الآخر، في فلسطين والعراق وموريتانيا والسودان والخليج وجميع المناطق العربية. لكن ذلك كله لا يهم، ليس المهم ما حققناه وما سوف نحققه أو ينبغي أن نحققه من أهداف قومية، ولكن ما لم ينجح الاستعمار بعد في انتزاعه منا: أعني الاعتراف بفشل سياساتنا ولا عقلانيتها. وهكذا يتحول صمودنا إلى عزاء لنا عن خسارة أهدافنا. ويصبح هو نفسه، من حيث هو عزاء، مصدر شرعية نظم الحكم واستمرارها، كنظم مفروضة، غير خاضعة لأي نوع من المحاسبة والمساءلة السياسية والقانونية والأخلاقية، أي من دون شروط، ومع كامل الحق في وضع اليد، بالمعنى القانوني للكملة، على جميع الموارد الوطنية.
أما شعار الصمود الجديد الذي يقول "سورية الله حاميها" فهو يحاول أن يغطي على واقع أن أحدا لم يعد يعتقد أن النظام ، على ما هو عليه من ترهل عسكري واستنزاف سياسي، قادر بالفعل على رفع شعار الصمود والتصدي. وهو يعكس إذن نوعا من التصدي في درجة الصفر، يعتذر فيه الحاكم سلفا عن عجز النظام عن حماية البلاد بالوسائل المادية المعروفة، ويعترف بأنه لا يملك وسيلة أخرى للاستمرار في المواجهة سوى التسليم للقدر الإلهي. المهم أنه لن يتخلى مهما حصل، حتى لو عنت المواجهة التضحية بأعظم المصالح الوطنية، عن شعار الصمود والممانعة هذا، الذي هو المبرر الوحيد لحرمان شعب بأكمله من حقوقه في المشاركة في تقرير مصيره، بل في مساءلة حكامه عن نتائج سياساتهم المستمرة منذ أربعة عقود من دون نتائج، إن لم نقل بنتائج كارثية. باختصار الصمود في الخارج كمبرر للصمود في الداخل، أي عدم القبول بأي تعديل للممارسة الواحدية للسلطة والقرار الوطني، هو البرنامج الحقيقي والوحيد للنظام، وهو ما يوفر عليه المساءلة في أي برنامج وطني أو قومي يتطلب تقديم نتائج عملية واضحة في ميادين الأمن والاستراتيجية الوطنية وفي الاقتصاد والسياسة والمجتمع والتقنية وغيرها من ميادين الإنجاز التي يتوقف على النجاح فيها استمرار أي نظام.

 

* سبق وان طالبت بـ (إعادة تأهيل الأنظمة العربية من قبل القوى الغربية) , يرى البعض أنك في مطلبك هذا تعترف بشرعية الأنظمة القائمة وتأمل إصلاحها عن طريق خارج ما . ألا يوجد خيار ثالث؟

*ما كتبته ليس هذا ولكن، بالعكس، أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة لا تريد تغيير النظام وإنما تبحث عن تطويعه وتأهيله، مع بقية الأنظمة العربية، حتى ينسجم في أدائه مع أهدافها الاستراتيجية الجديدة المتركزة على امتصاص احتقان الرأي العام العربي، ومكافحة الإرهاب، وإعادة ترتيب الأوضاع الإقليمية بحيث تضمن العودة إلى الاستقرار، وتأمين مصالحها الحيوية في استمرار تدفق النفط من دون تهديد، والتوطين النهائي لاسرائيل الموسعة والاستيطانية، وإغلاق منطقة الشرق الأوسط امام المنافسين الآخرين من الدول الكبرى الصاعدة. ومشروع التطويع هذا يعني بالفعل أن الولايات المتحدة واوروبة، أي الكتلة الأطلسية، تعترفان بشرعية الانظمة أو على الأقل بفائدة الاحتفاظ بها طالما ليس هناك بديل أفضل منها يلبي مصالح الدول الصناعية. أما الخيار الثالث فقد كنت من أوائل من طرحه وتحدث عنه عندما كتبت، قبل احتلال العراق عن استحالة الاختيار بين الاستبداد والاستعمار، وضرورة العمل على بلورة طريق آخر يرفضهما معا. ولا يزال موقفي هذا لم يتغير وهو يصادف انتشارا وقبولا أكثر فأكثر.

 

* من أهداف المعارضة في الداخل تغيير النظام سلمياً . هل لدى المعارضة السورية , وبوضعها الراهن الإمكانات اللازمة كي تحل مكان النظام؟
* ليس المطلوب أن تحل المعارضة، حتى لو كانت أكثر قوة وأعظم شأنا، مكان النظام. الذي سيحل مكانه هو الشعب نفسه. التغيير يعني في نظري إعادة السيادة إلى الشعب الذي انتزعت منه بالقوة وبتخليد السيطرة بالقوة العسكرية والأمنية. ولذلك ليس مهما أن تكون المعارضة الحالية ضعيفة، وسيكون من اللامنطقي أن تكون قوية في ظل نظام يحرم الشعب حتى من حق التعبير البسيط، ويحاصر عناصر المعارضة حتى في منازلهم الخاصة، وينغص عليهم حياتهم ويهدد كل من يخرج عن الخط بترسانة كاملة من العقوبات والإجراءات الاحترازية، بما في ذلك منعهم من التواصل في ما بينهم وحرمانهم من حق التنقل بحرية.
المعارضة القائمة اليوم لن تحكم ولا تريد أن تحكم. الشعب هو الذي سيختار ممثليه في انتخابات ديمقراطية نزيهة تحت إشراف لجنة وطنية نزيهة وبمشاركة منظمات مراقبة دولية. ومن دون ذلك لن يكون هناك تغيير. ذلك أن التغيير المقصود بالنظام هو تغيير قواعد تنصيب أصحاب المسؤولية السياسية والحاكمين لا تغيير أشخاصهم أو تبديل بعضهم ببعض، كما يفعل النظام الحالي عندما يعيد تشكيل الحكومات المتعاقبة. ولا يضير المعارضة أن لا يعني التغيير وصولها إلى الحكم إذا كان هدف إعادة السلطة إلى الشعب وتمكينه من اختيار ممثليه بحرية قد تحقق، حتى لو جاء ذلك على أيدي الحاكمين الحاليين أنفسهم أو بعضهم. لكن هذا للأسف مستبعد.
لكن، بالتأكيد إذا نجحت أحزاب ومنظمات المعارضة في نيل ثقة الشعب وحققت نتائج حاسمة في الانتخابات ستصبح في ذلك الوقت ممثلة للشعب وتحكم باسمه وتحت إشرافه. الذين ينكرون على المعارضة حقها في العمل من أجل التغيير، بالرغم من ضعفها والحصار المضروب عليها والظروف المأساوية لعملها، يبررون التسليم والاستسلام لقانون القوة. وهم بالضرورة لا يرون المسألة من الزاوية التي تراها فيها المعارضة، أي كواجب للعمل على تغيير ميزان القوة لفتح آفاق التعددية والمشاركة الوطنية الجماعية، وإنما من زاوية ما فرضه النظام من نموذج للحكم قائم على احتكار القوة والسيطرة الأحادية، من دون أي اعتبار لإرادة الشعب ورأيه. من هذا المنظور الرسمي يصبح من الخطل بالفعل التفكير بأن معارضة صغيرة ومحاصرة ومحرومة من أي موارد مادية أو إعلامية يمكن أن تحل محل نظام مدجج بالأسلحة من رأسه حتى أخمص قدميه، يحتكر جميع موارد البلاد العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية والمدنية والثقافية.
لكن الاحتكار الواسع للموارد الذي يشكل مركز قوة النظام يبدو من منظور المعارضة، وهذا ما يدركه النظام اليوم نفسه، أكبر تعبير عن ضعفه السياسي العظيم. تماما كما أن ضعف المعارضة المادي لا يخفي منابع قوتها السياسية العميقة. فبقدر ما يبين رهان النظام الهائل على وسائل القهر والقمع والحصار افتقاره لتأييد الشعب وشكه في وجود مثل هذا التأييد، تبرهن ملاحقاته المستمرة لأعضاء المعارضة ومنعهم من الحديث مع الرأي العام وحرمانهم من أي وسيلة للتواصل والحركة أنهم يحظون بتأييد الشعب ورعايته، وهم بالتالي ممثلوه الحقيقيون.
باختصار، لا ينبغي على المعارضة أن تطمح إلى أن تحل محل النظام بالمعنى نفسه. فنحن لا نريد أن نستبدل نظاما شموليا بنظام شمولي آخر. إنما المطلوب منها أن تسعى، عن طريق عملها المتعدد الأشكال والتراكمي، إلى بعث الحياة السياسية السورية وإدخال أوسع القوى وقطاعات الرأي العام إلى ساحة العمل الوطني. وهؤلاء جميعا، أي الشعب بكامل قواه وتنظيماته وتياراته الفكرية والسياسية، هم الذين سيحلون محل النظام. ولا ينجح النظام في الاستمرار إلا بقدر ما يغيب هؤلاء.

 

* أخيراً كيف تقرأ انشقاق عبد الحليم خدام , والى أي حد يمكن أن يضعف انشقاقه النظام فعلاً لا قولاً؟

* كان الشعب السوري يتمنى أن يقوم الدكتور بشار الأسد هو نفسه بهذا الانشقاق عن النظام منذ خمس سنوات. بل لقد كان يراهن عليه للخروج بالبلاد من حالة القلق والتخبط والشك والفوضى التي أوصلتها إليها بيرقراطية خرقاء تجمع الجهل بتقاليد الإدارة وأساليب الحكم إلى شره السلطة والمال إلى انعدام الحس بالمسؤولية، الأخلاقية والسياسية، وتحكم منذ ما يقارب نصف قرن من دون حسيب ولا رقيب. وأنا متأكد أنه لو خطا هذه الخطوة وتخلى عن النظام المهتريء الذي خلفه له مرض والده في السنوات السابقة على وصوله إلى السلطة، لنال تأييد الشعب الكامل ولأصبح أكثر رئيس جمهورية شعبية وشهرة في تاريخ سورية الحديثة منذ تكوينها، لأنه كان سيوفر على بلده مخاطر وتحديات هي بغنى عنها، ويساعدها على الدخول بثقة وقدم قوية وثابتة في حياة عصرها، بعد تأخر مديد. لكنه أحيط منذ توليه الحكم، إن لم يكن قبله، بحاشية عائلية نهمة، وبموظفين صغار تنقصهم الرؤية والبصيرة والشجاعة، وبدعاة جعلوا من التمسح بالشعارات، والتغني بكل ما يصدر عن أصحاب السلطة والجاه، ورفعه إلى مستوى الكلام المنزل، وسيلتهم المثلى لنيل الحظوة والمحافظة على المصالح والامتيازات والمواقع الاستثنائية.
لقد حرم هؤلاء جميعا الشعب السوري من فرصة تاريخية للتغيير السلمي كما حرموا الرئيس الشاب أيضا من أن يصبح رمز المصالحة الوطنية وعودة حكم القانون إلى البلاد التي عانت طويلا من التعسف والظلم. وكانت وسيلتهم إلى ذلك المديح والإطراء والتكبير والتعظيم. ومما لا شك فيه أن تقديس الزعيم هو أقصر طريق لعزله عن شعبه ورفعه إلى مقام يصبح من المتعذر عليه التواصل مع أقرانه ومواطنيه أو الشعور بمشاعرهم أو القبول بأي فكر نقدي أو مخالف لما جرى عليه الأمر من تقاليد وبرتوكولات.
والواقع أن هذا العزل عن طريق الارتفاع فوق النقاش والنقد، والترفع على المجتمع بكافة فئاته وأفراده، من خبراء ومثقفين وسياسيين وإداريين، وتصوير أي تغيير، مهما كان بسيطا، على أنه حامل لمخاطر مصيرية على النظام، هما الطريق السهلة التي تستخدمها البيرقراطية الحاكمة حتى تحول القيادة السياسية إلى رهينة في يدها، وتحرف نظرها عن سيطرتها الشاملة على مقدرات البلاد، وتحافظ بالتالي على النظام الإقطاعي أو شبه الإقطاعي الذي يطلق يد كل صاحب منصب في موارد المؤسسة التي تخضع لأمره وطاعته. فالنظام هو قبل أي شيء آخر نظامها، وليس من الممكن أن تسمح بتغييره أو تعديله أو التخلي عنه.

في هذا السياق، لا شك أن انشقاق عبد الحليم خدام، نائب رئيس الجمهورية السابق والعضو في القيادتين القطرية والقومية للحزب منذ قيام النظام في السبعينات، شكل صدمة كبيرة لهذه الطبقة البيرقراطية التي اعتادت التضامن المطلق، والتستر المتبادل على تجاوزاتها ومباذلها، وإبراز التفاهم الكامل أمام الرأي العام السوري.
ولا شك أن تقلص حجم الموارد الموزعة أو القابلة للتوزيع، وزيادة الضغط الشعبي ضد الفساد، وتدهور الوضع السياسي والاستراتيجي للنظام، يفاقم من الانقسامات داخل صفوف هذه الطبقة، ويبشر بازدياد احتمالات انسحاب عناصر متزايدة وتخليها عن دعم النظام أو عن التماهي معه. ومهما كان الحال، تشكل الانشقاقات خطوة مهمة في إطار العمل على التفكيك السلمي للنظام، وتقليل تكاليف الانتقال نحو نظام التعددية والحكومة التمثيلية. ولا أستبعد أن يتحول انشقاق خدام إلى ظاهرة حتى لو لم يتم بالطريقة نفسها وبصورة علنية. فبالرغم من الهدوء النسبي المخيم مؤقتا، يدرك الكثيرون اليوم، وفي مقدمتهم الذين استفادوا من الوضع في العقود الماضية، أن الحفاظ على مصالحهم نفسها يتطلب كبح جماح السلطة المنفلتة من عقالها وإضفاء حد أدنى من العقلانية والمعايير السياسية على سلوك نظام يواجه تحديات مصيرية بأساليب أقل ما يقال فيها أنها مشكوك بفعاليتها ونجاعتها.
لكن، في نظري، لن يستطيع هؤلاء المنسحبون من النظام والمتخلون عنه أن يسترجعوا ثقة الرأي العام، وتعاونه من دون الاعتراف بمسؤولياتهم في التجاوزات التي حصلت، وتقديم تفسير لها واعتذار علني عنها. ولن يضعف هذا الاعتراف موقفهم ولكنه يشكل بالعكس برهانا لا بد منه على صدق تحولهم نحو الديمقراطية والتسليم للإرادة الشعبية بعد معاداتهما الطويلة، وربما مكن الكثيرين منهم من استعادة صدقيتهم أيضا.
إنما، ما هو أهم من ذلك، وما أدعو العقلاء في النظام إليه، هو أخذ مسألة الإصلاح بجدية، والدفع في اتجاه تكوين تيار معارضة إصلاحي داخل النظام نفسه، يستقطب البعثيين الشرفاء، الذين يعدون بعشرات الآلاف داخل الحزب والدولة، والذين أدركوا اليوم، مثلهم مثل بقية أبناء وطنهم، أن الاستمرار على طريق احتكار السلطة وتغييب الشعب وحكمه بالقوة وترويعه بإطلاق يد الأجهزة الأمنية، لن يفضي إلا إلى دمار البلاد. وأن المخرج الوحيد من الأزمة الوطنية المتفاقمة هو العمل مع أبناء وطنهم الآخرين المخلصين في سبيل الانتقال بسورية نحو مرحلة جديدة قائمة على مباديء احترام الفرد وحفظ كرامته وتطمينه على نفسه وأهله، والاحتكام للقانون، وتأكيد قاعدة تكافؤ الفرص والمساواة، ونبذ الطائفية المقيتة ومنطق الثأر، ورفض أي شكل من أشكال التمييز، دينيا كان أم سياسيا أم عقائديا أم أقواميا. وبتوحيد جهودهم حول برنامج وطني واضح للإصلاح، يمكن لهؤلاء أن يفتحوا الباب نحو حوار مثمر مع قوى المعارضة الديمقراطية في سبيل الوصول إلى تفاهم سياسي يجنب البلاد والشعب مخاطر التوترات والانقسامات الطائفية والأقوامية، التي تزيدها الأزمة المفتوحة اشتعالا، وتهدد بتحويلها بالفعل إلى نزاعات أهلية تتحكم بالحياة الوطنية ولا يمكن لأحد السيطرة عليها. وعلى هؤلاء المؤمنين فعلا بالاصلاح والتغيير داخل النظام، لكن المترددين أو اليائسين، تقع اليوم مسؤولية كبرى في تأكيد قدرة الشعب السوري على الارتفاع فوق خلافاته والنظر إلى الحاضر من وجهة نظر المستقبل لا بعيون الماضي.