برهان غليون لـ”القدس العربي”: “الصراع” عنوان المشهد السوري في عامه القادم

2018-12-22 :: القدس العربي

“القدس العربي”: تشهد الساحة السورية العديد من التحولات والمتغيرات الميدانية والدولية منها، في حين أن طرفي الصراع من الحزب الحاكم والشعب المنتفض بات الحلقة الأضعف من ناحية القرار المستقل، ورجحان محلي لصالح النظام السوري على حساب معارضيه، وفي البقعة الجغرافية التي يتواجد فيها طرفي الصراع الأساسيين، يبدو أن اللاعب الأمريكي قد هيأ الشرق السوري، وعموم البلاد إلى نقطة تحول جديدة تطفو على الواجهة بشكل دراماتيكي.

وحول ما ستؤول إليه الأوضاع السورية في عامها المقبل، خاصة بعد قرار الانسحاب الأمريكي من شرق الفرات، والمفاوضات السياسية الجارية برعاية تركية وروسية وإيرانية، قال المفكر والسياسي المعارض د.برهان غليون لـ “القدس العربي”: “لا أعتقد أن هناك تغييرا دراماتيكيا سوف يحصل في الأشهر القادمة، وسوف تستمر التجاذبات حول تشكيل اللجنة الدستورية من ضمن التجاذبات، لإيجاد الحل السياسي بين النموذج الذي تريده موسكو ويضمن لروسيا السيطرة الكاملة على سوريا والإشراف الكامل أيضا على الحل السياسي فيها، سواء ببقاء الأسد أو بتغييره، لكن بشروط تضمن له الخروج الآمن مع الحفاظ على نظامه مع بعض التعديلات التجميلية، والنموذج الذي يهتدي، قليلا او كثيرا، بالقرارات الدولية التي تفضي جميعا إلى انتقال سياسي يغير من النظام القائم سواء بإعادة توزيع السلطات بين المؤسسات السورية وفي مقدمها سلطات الرئيس والاعتراف بحد أدنى من الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وبالتالي ضمان الحد الأدنى من حكم القانون والقضاء العادل والحريات الاساسية والمشاركة الشعبية في الحكم.”

وأضاف غليون: “في اعتقادي أن المشروع الروسي لإعادة تأهيل النظام، لن يمر وسوف يفشل حتى لو اعترفت به الدول الاخرى لأنه لم يعد نظاما، ولا يملك أي عنصر لا على مستوى الوعي ولا الممارسة ولا المؤسسات من عناصر الدولة والسلطة الوطنية والقانون، ولكنه تحول إلى تجمع لمافيات متنازعة وسوف تزدادا تنازعا فيما بينها، ولا يمكن ان يستقر لها قرار.”

ورأى غليون أن المستقبل القريب في سوريا، سيكون الصراع عنوانه، وسوف يستمر حتى يتحقق نوع من الانتقال السياسي الذي يضمن تغيير قواعد الحكم ويزيل الطابع الأسري والملكي للحكم المطلق، ويفتح الباب أمام عودة السوريين في الداخل والخارج لوطنهم الذي دمر أمام أعينهم، ويطمئنهم على امكانية العودة من جديد إلى الحياة ووقف الحروب الاهلية التي فجرها النظام لتحييدهم جميعا، بطوائفهم المختلفة ومناطقهم وطبقاتهم وأحزابهم.

وأشار غليون الى ان محور الصراع في العام القادم كله، سيكون “محاولات لإجهاض الانتقال السياسي وضغوط مقابلة من أطراف مختلفة للحيلولة دون عودة نظام التسلط، وسلطة الرئيس المطلقة وحكم الميليشيات وخرق القانون. ومما سيساعد على تقدم نموذج الحل السياسي الاهتراء المتفاقم لما يسمى بنظام الأسد، أي تفجر تناقضات حكم العصابة السافرة الذي تمخضت عنه حرب السنوات الثمانية الماضية.”

ما هو مصير سوريا بعد القرار الأمريكي؟
في هذا الصدد، قال المفكر والسياسي “غليون” لـ “القدس العربي”: “فيما يتعلق بالاعلان عن الانسحاب الامريكي من شرق الفرات، أعتقد أن الأمر أقرب إلى المناورة السياسية والإعلامية التي تهدف إلى حل النزاع بين واشنطن وأنقرة واستعادة الأخيرة إلى الصف الغربي وعدم تركها تتوجه كليا لروسيا، وذلك من خلال السماح لها بتحقيق مشروعها في تأمين الشريط الحدودي مع سوريا. فالإعلان عن انسحابها يترك لتركيا حرية الحركة ويعفي واشنطن من مسؤوليتها تجاه حماية المنطقة وحلفائها من قوات سوريا الديمقراطية. هذا يعني ان هدفه الرئيسي حل النزاع مع تركيا بالدرجة الأولى، وهذا ما يفسر انه جاء بالفعل بعد محادثة هاتفية بين رئيسي البلدين. وهو يرضي أيضا غرور موسكو التي لا تكف عن إعلان الوجود العسكري الامريكي في سوريا خارجا عن القانون. لكنني استبعد تماما ان تتخلى واشنطن عن قواعدها العسكرية، ولن يطول انسحابها إلا بعض القوات الامريكية العاملة المحدودة العدد التي تستطيع أن تستبدلها في المستقبل بقوات أخرى. ولا ننسى أن واشنطن وموسكو اعتادتا على هذه التصريحات وأعلنا عن انسحابات عديدة أكثر من مرة.”

التقيتم مؤخراً المبعوث الأمريكي لسوريا “جيمس جيفري”، فهل حصلتم على تطمنيات؟
بالنسبة للقائنا مع المبعوث الأمريكي “جيفري”، ليست الولايات المتحدة هي التي تحتاج إلى تطمينات من طرفنا نحن السوريين الذين لم نعد نملك شيئا من أمرنا حول مستقبل سوريا أو سوريا المستقبل، نحن الذين طالبنا بتطمينات للشعب السوري حول النوايا الأمريكية تجاه ما يجري من مناورات دولية حول مستقبل سوريا وتنازع القوى الاقليمية والدول الكبرى على تقاسم المصالح فيها على حساب السوريين ومن دون التفكير بمصيرهم.

وطلبنا منه أن تعمل واشنطن على قرار في مجلس الأمن يضمن حقوق الأفراد السوريين، ويسقط أي شرعية عن عمليات التغيير الديمغرافي والاستيلاء على أملاك الغائبين والمهجرين والنازحين ويؤكد حق اللاجئين في العودة الآمنة لوطنهم.

وبالنسبة لبناء تشكيل جديد للمعارضة؟

استطرد “غليون”، لا اعتقد أن هناك امكانية لولادة أي قوة ذات وزن من دون أن يقوم جميع الذين شاركوا في الثورة والمعارضة في السنوات الماضبة بمراجعة حقيقية لتحديد المسؤوليات ووضع الأصبع على الأخطاء، وبالتالي قبل تشكل وعي جديد.

وهذا ما نعيش ولادته البطيئة اليوم، لذلك أقول أن هذا التشكيل سيأتي لكن لا يزال الوقت مبكرا بالرغم من حساسية الظروف التي نمر بها ودقتها. لكن لم تنضج الشروط لتسامي الأفراد على جراحهم من جهة ونزاعاتهم الشخصية والذاتية من جهة ثانية. والثورة هي المطهر الذي سيغسل كل شيء ويعيد بناءه من جديد.

حسام محمد

https://www.alquds.co.uk/%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86-%D8%BA%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D9%86/

https://www.alquds.co.uk/%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86-%D8%BA%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D9%86/