لن يستطيع أحد أن يعيش بعد الآن في جزيرة معزولة

:: face book

 

في العصر الذي انهارت فيه الحدود والحواجز الجغرافية بين الأمم والشعوب، وتعاظم فيه اختلاط المعلومات والافكار وأنماط الاستهلاك والتطلعات، تتفاقم أزمات الهوية وتنمو الميول لتفجير النزاعات القومية والمذهبية في كل مكان.
لن يستطيع احد أن يكون بمنأى عن هذه الأزمات والنزاعات. ولن تكون هناك أي قيمة لاستراتيجيات الأمن القومية بعد ما حصل ويحصل من التداخل في المصائر العالمية ومن تطابق المخاطر والتهديدات.
منذ الآن، إما أن يكون هناك أمن وسلام للجميع أو أن العالم سيدخل في دوامة عنف لا مقدرة لأحد على وقفها أو السيطرة عليها.
إن تخلى المجتمع الدولي السياسي والمدني عن مسؤولياته والتزاماته تجاه الشعوب والجماعات والأقليات المقهورة في هذا السياق لن ينقذه من اي تهديد، بالعكس، إنه ينذر بكارثة على عموم الانسانية.
لم يعد هناك خيار آخر: إما التفاهم على سياسة دولية تفكر بالانسانية كوحدة وبالمعمورة كبيئة واحدة، وتعمل على استيعاب جميع الملل والقوميات، من دون إقصاء أحد أو تحييد جماعة وتكبيلها بالتهم والشكوك لحرمانها من الاعتراف وهضم حقوقها، أو فتح أبواب جحيم حروب متنقلة وشاملة وتفجير ينابيع التطرف والارهاب المعمم.
نحن على أبواب حقبة جديدة من تاريخ تطور الحضارة : مع عولمة الأنماط الثقافية والاستهلاكية والقيم السياسية والاجتماعية، لم يعد هناك من يقبل بالتمييز والعنصرية والبقاء على هامش دورة الحضارة والمدنية.
ما تبديه الدول الرئيسية من تخل كامل عن التزاماتها القانونية والسياسية والأخلاقية تجاه الشعب السوري وتركه فريسة لوحوش الفاشية الضارية في دمشق وطهران وموسكو، مهما كانت الذرائع والتبريرات، لن يمر على أحد بسلام.