قمة شرم الشيخ الثلاثية

:: مونتي كارلو

 

كررت قمة شرم الشيخ الثلاثية العربية التي عقدت في الثاني عشر من مايو الجاري من جديد تمسك الجانب العربي بخيار السلام ونبذ العنف بكل اشكاله . وندد الزعماء العرب المجتمعين فيها بالمجازر التي يرتكبها االاحتلال بحق الاطفال والنساء والشيوخ من دون رادع انساني او قانوني, كما اكدوا على ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة المتعلقة بارسال لجنة تقصي الحقائق حول جرائم الحرب التي ارتكبت في جنين. ولم ينسوا التذكير  بضرورة متابعة العمل لتعزيز التضامن العربي في جميع المجالات صونا للامن العربي وانطلاقا من الحفاظ على المصالح العليا للامة العربية والاسلامية وايمانا بمباديء واهداف ميثاق جامعة الدول العربية كما نص البيان الختامي.

ولم يكتف الزعماء العرب بتلك الاعلانات المثيرة ولكنهم اضافوا اليها توجيه نداء الى جميع دول العالم المحبة للسلام للوقوف الى جانب الحق العربي الذي اقرته الشرائع الدولية وممارسة الضغط على اسرائيل للانسحاب من جميع الاراضي العربية المحتلة وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. ولم ينس القادة العرب الكبار الاتفاق في القمة الثلاثية الاستثنائية العتيدة على متابعة الاتصالات والمشاورات فيما بين دولهم والدول الشقيقة والصديقة للدفاع ايضا عن قضايا الامة العربية والاسلامية وصون الشرف والكرامة.

والواقع لا تتخذ هذه الاعلانات والتأكيدات والدعوات والنداءات مضمونها الحقيقي إلا عندما توضع في مواجهة ماحصل في اليوم ذاته في اسرائيل حين صوتت قيادة حزب ليكود الذي يقود الائتلاف الحكومي في تل ابيب ضد قيام دولة فلسطينية سواء اكان ذلك تحت قيادة عرفات او أي قيادة اخرى وذلك بالرغم من كل الضغوط الامريكية . فهل يكون رد حكومة اسرائيل على تجديد اعلان العرب تمسكهم بالسلام ثانية  متابعة سياسة الاحتلال والاستيطان ومصادرة الاراضي واغتيال القادة وتدمير البنى التحتية والفوقية فوق رؤوس البلاد والعباد تماما كما كان عليه رد الاسرائيليين على اعلان هذه المبادرة ذاتها في القمة العربية العادية, أي اقنحام المدن والقرى الفلسطينية بالدبابات والطائرات؟

 

ليس هناك أي شك في ان تأكيد تمسك العرب بالسلام وادانتهم للعنف ودعوتهم لانهاء الاحتلال أمور مهمة ومفيدة بل ضروروية من الناحية الاِخلاقية والسياسية ويتطلب الاعلان عنها اليوم لا محالة قدرا كبيرا من الشجاعة في مواجهة المنتقدين الذين لن يترددوا في تفسير هذه المواقف على انها تلبية لمطالب امريكية عاجلة تشكل جزءا من الاتفاق لوقف العمليات الحربية الاسرائيلية في فلسطين. لكن ليس هناك شك ايضا في أن مثل هذه المواقف تليق اكثر بجميعة حقوق انسان منه بتآلف دول تملك فعلا صفات الدول ومقوماتها.