في التطرف

:: face book

 

أول ما ينبغي أن تقوم به لضبط الاطار النظري هو أن تلغي القسم المتعلق بالتسوية التاريخية لأنه هو سبب الالتباس
وثانيا عليك أن تحدد الموضوع بشكل واضح، وهو كما أرى وكما تكتب مباشرة بعد الفقرة المتعلقة بالتسوية التاريخية، معرفة في ما إذا كان تحول احرار الشام والنصرة في اتجاه القبول بالشراكة مع الآخرين، أي في الواقع بمباديء العمل السياسي الطبيعي ممكنا أم لا.
وهي مشكلة تدخل في إطار فهم التطرف الذي طرأ على القوى الثورية السورية في سياق تاريخي وعسكري محدد. والأسلمة هي في نظري تعبير عن هذا التطرف.
الإطار النظري الذي ينسجم مع النص المكتوب يتعلق إذن ب: بفهم أسباب التطرف في صفوف الثورة السورية واحتمال تراجعه
والفرضية التي تشرح ذلك هي : أن التطرف ليس سمة بنيوية في العقيدة الاسلامية ولم تكن سمة من سمات الثورة السورية ولكنها ظهرت بالتوازي مع تغيرات في شروط وظروف الصراع وأن تبدل هذه الشروط في اتجاه تحقيق أهداف هذه القوى الثورية التي اختارت التطرف جزئيا أو كليا يدفع بها إلى تعديل موقفها السياسي وقبول الآخر والرجوع إلى مشروع سورية الديمقراطية؟
وما حصل من تحولات في حركة أحرار الشام مما تشير إليه في الورقة حصل بالتوازي مع تطور وضع الحركة وحصولها على موقع مهم وقوي في الصراع من جهة، وتصاعد أمالها بسبب ذلك في أن تشارك في حل أو سلطة قادمة، وبالتالي تزايد الشعور بالمسؤولية عند بعض قياداتها، وهذا الموقف سيستمر في التحول بمقدار ما تتغير الظروف في اتجاه ايجابي بالنسبة لها. وهذا يبرر موقف الحوار معها من قبل الأطراف العلمانية، كما يدعو إلى بلورة استراتيجية الاحتواء وليس الإدانة والاستعداء.
ما ينطبق على الاحرار ينطبق على النصرة التي مع تنامي نفوذها وإثبات وجودها على الارض أبدت تحولات نحو الاعتدال. أما ماشهدته من انتكاس في هذا المجال فيرجع إلى التنافس مع داعش على استقطاب العناصر الجهادية ذاتها وثقل وزن هذه العناصر داخل صفوفها. لكن تفسير الاتجاه نحو التطرف بالسياق السياسي والعسكري ، أي بالشروط التاريخية والاجتماعية يبقى صالحا، ومضونه أن التطرف موجود في الفعل والمجتمع والتاريخ وليس في العقيدة أو الايديولوجيا أو الاعتقاد ولو أنه لا يستمر إلا بخلق ايديولوجية خاصة مغلقة تعيد أنتاجه. 

وما عليك إلا أن تضيف فقرة تبين فيها الظروف التي دفعت بالشباب السوريين الثائرين إلى الالتقاء مع النصرة والأحرار والجهاديين المحررين من السجون.

وعليك أن تميز ايضا بين شخصيات أصبحت متأصلة في التطرف، أصبح التطرف لديها عقيدة، نتيجة تجربة سلبية طويلة، وهم أبناء الحرب الأفغانية وغيرها، وجسم الحركات السورية المكون أساسا من شباب لم يكن لديهم أي صلة أو نزوع للتطرف.
فالمهم ليس تفسير تطرف البغدادي، ولا الجهاديين العالميين القادمين من الشيشان وغيرها، فهذا مفهوم. إنما ألوف الشباب السوريين الذي التحقوا بهم ولم يكن عندهم سبب أو تجربة سابقة تدفعهم للتطرف.

باختصار الاطار النظري هو الفرضية التي تقول بأن التطرف ظرفي، أي نتيجة ظروف، وفي سورية يمكن لنا دراستها بشكل دقيق، ومعرفة كيف انتقل الشباب منا لثورة السلمية إلى الثورة المسلحة إلى الثورة الاسلامية، وليس نتيجة ثقافة او دين متأصلين، وأن امكانية انحساره مرتبطة بتغير الظروف هذه. وأن معالجته بالابادة الجسدية سوف تفاقم منه بمقدار ما تعزز الظروف التي دفعت الشباب إليه.