حول تصريحات الرئيس أوباما ومسؤولية الإدارة الامريكية عن تفاقم الوضع

:: face book

 

   قال الرئيس باراك أوباما في آخر تصريح له أنه فوجيء بقوة تنظيم الدولة، وأن المخابرات الأمريكية قللت من خطر التنظيم. والحال نحن لم نكف منذ أكثر من سنتين، في لقاءاتنا سواء أكان ذلك مع الوزير جون كيري أو مع المسؤول عن الملف السوري السفير روبرت فورد وخلفه السفير روبنستين عن التحذير من أن ترك كتائب الجيش الحر من دون دعم يعني ببساطة دفع المقاتلين بالرغم منهم إلى الالتحاق بداعش لضمان الدفاع عن أنفسهم والاستمرار في القتال. ولا يمكن للمسؤولين والمحللين الأمريكيين أن يكونوا قد جهلوا كل هذه التحذيرات، أو أنهم لم يدركوا أن قطع المساعدات، بما فيها العربية، أو تجميدها خلال أشهر طويلة في وقت لم يتوقف فيه النظام عن تصعيد هجماته ضد مواقع الثوار، لن يترك لهؤلاء خيارا آخر سوى السقوط برصاص الأسد أو البحث عمن يستطيع أن يضمن لهم البقاء. 

لم تكن هناك أجوبة مطمئنة وواضحة على هذه التحذيرات. وما كان لدينا شعور بأن هناك استيعاب حقيقي لخطر مثل هذا التحول لدى المقاتلين. بل لعله كان مطلوبا بالفعل لهدف أو آخر. وبالمثل، منذ اليوم الأول لبدء الهجوم على داعش، حذرنا المسؤولين الامريكيين من توسيع دائرة الهجوم على تنظيمات غير داعش، مذكرين بأن مثل هذا العمل سوف يضعف الجيش الحر في مواجهة قوات الأسد، ويسمح للأسد باستثمار ضربات التحالف لصالحه، ويدفع المقاتلين إلى التضامن مع داعش، ويؤلب الرأي العام على التحالف. وأعتقد أن الرسالة قد وصلت في اليوم نفسه لكبار المسؤولين.
وبالرغم من خلو قرار مجلس الامن من ذكر الميليشيات الأجنبية الاخرى التي يشكل وجودها وقتالها إلى جانب النظام عدوانا سافرا على السوريين وسيادة بلدهم وعلى حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، ذكرنا مرارا إن ضرب داعش وترك الميليشيات الأخرى الداعمة للنظام لا يمكن إلا أن يقوض الأساس السياسي الذي تقوم عليه العملية. 
نحن لا نعرف كيف تسير الإدارة الأمريكية وكيف يتخذ القرار في مثل هذه الازمات. لكن لا يمكن لعاقل أن لا يكتشف بنفسه مثل هذه العلاقات والترابطات. 
إذا لم يكن ما حصل ناتج عن إرادة مقصودة في هدر الوقت وترك الأزمة تتفاقم، فمعنى ذلك أن ما يجري في المشرق وسورية بشكل خاص، وهو حرب إبادة حقيقية منذ ثلاث سنوات، لم يكن في مركز اهتمام البيت الأبيض ولا الإدارة الامريكية ولا الكونغرس، ربما باستثناء السناتور ماكين الذي لم يتوقف منذ بدء الأزمة عن التحقق بنفسه عما يجري.
لذلك أقول إن الإدارة الأمريكية مسؤولة عن ترك الوضع يتفاقم، ليس لأنها لم تتحرك بسرعة فهذا تقديرها، ولكن لأنها لم تقدم المساعدة الضرورية واللازمة التي كانت توعد بها للحد من تآكل قدرة الجيش الحر الذي كان يسيطر على ما يقارب ٦٠ بالمئة من الأرض، ولأنها منعت الدول الأخرى من تقديم المساعدة أو حددتها.