حرب الاعداد لمؤتمر السلام

:: مونتي كارلو

 

بعد إعلان الدول العربية المعنية عن إدانتها للعنف بكل أشكاله والاصلاحات السياسية التي التزمت بها السلطة الفلسطينية واللقاءات المكثفة التي شهدتها العاصمة الأمريكية مع قيادات المنطقة الأساسية لم يبق للرئيس الأمريكي إلا أن يتخذ قراره ويعلن صيغته الموعودة لمواجهة الأزمة  الشرق أوسطية وبدء مفاوضات التسوية السياسية.

لكن هناك على الأقل عاملين يثيران الشك في قدرة المفاوضات القادمة على التقدم الفعلي. الأول هو سلوك الحكومة الاسرائيلة وتمسكها بالتصور الخاطيء لطبيعة الحرب التي تخوضها ضد الفلسطينيين والتي لا تزال تصر على إنكار جوهرها الوطني وتريد أن ترى فيها بالرغم من كل شيء حربا ضد الارهاب مماثلة لتلك الحرب التي شنتها الولايات المتحدة في أفغانستان. وفي هذه الحال فإن التسوية التي تتطلع إليها اسرائيل لا يمكن أن تكون مختلفة عن تلك التي طبقتها الولايات المتحدة في كابول. وهي بدأت منذ الآن بتطبيق هذا الحل بتجميع الفلسطينيين في كانتونات منفصلة وإحكام القبضة عليهم جماعيا وبالجملة. ومن الواضح أنه في حال استمرار الاسرائيليين في تغذية مثل هذه الأحلام الوردية لن يعرف أحد كم من المؤتمرات الدولية سوف نحتاج,  كما قال الرئيس جورج بوش بالفعل, حتى نصل الى التسوية السلمية المنشودة.

أما العامل الثاني الذي يدفع الى الشك في احتمال توصل المفاوضات القادمة الى حلول فعلية للأزمة فيتمثل في طبيعة الادارة الأمريكية القائمة, وهي الادارة التي تقرر وحدها اليوم, بصرف النظر عما يمكن أن يظهره الاوروبيون والروس والأمم المتحدة من اعتراضات أو تحفظات, مصير هذه المفاوضات. والمشكلة هنا كما تشير الى ذلك العديد من التحليلات الأمريكية لا تكمن في أن واشنطن ليست مستعدة للضغط على اسرائيل أو مواجهة اللوبي الاسرائيلي كما كان يقال من قبل, ولكن في أن هناك تيارا قويا في هذه الادارة ينظر بالفعل إلى حرب اسرائيل ضد الفلسطينيين على أنها  جزءا من الحرب الأمريكية ضد الارهاب ويريد لهذه الحرب, في الوقت نفسه, أن تكون  سوطا يجبر الدول العربية, الحليفة وغير الحليفة, على اتخاذ الاجراءات الضرورية لمطابقة سياساتها, تماما ومن دون نقاش, مع الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة والعالم.

فهل لا يزال لدى العرب ما يمكنهم فعله لمساعدة الرئيس الأمريكي على الخروج من تخبطه ومن التررد الواضح الذي يبديه في العمل لايجاد حل متوازن من جهة والالتزام بإرضاء داعمي اسرائيل في الإدارة الأمريكية وتطمينهم من جهة أخرى؟ هذا هو السؤال, وهو مطروح علينا نحن العرب بالدرجة الأولى.