الرهان الخاسر على اوروبة

:: مونتي كارلو

 

  مع تزايد الضغط الأمريكي والاسرائيلي يزيد النزوع لدى المسؤولين والرأي العام معا في العالم العربي إلى المراهنة على الدور الاوروبي. ولا يكف العرب من مسؤولين ومثقفين وغيرهم عن توجيه النداء تلو النداء كي تلعب الدول الأوربية دورا أكبر في عملية السلام أو في السعي نحو ايجاد حل عادل للنزاع العربي الاسرائيلي. لكن اوربة لم تبد اكثر خورا ولا أقل حيلة في سياساتها الدولية في أي حقبة ماضية كما بدت في مواجهة الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني.

 

وحتى عندما تعرضت لصفعة كبيرة من قبل حكومة شارون اليمينية المتطرفة التي اجبرت الوفد الرسمي الاوروبي الى العودة الى بلاده من دون ان يستطيع  اللقاء بالرئيس عرفات أو أن يحقق ايا من اهدافه المعلنة, وقفت اوربة الموحدة مكتوفة الايدي ولم تجرؤ على التفكير في اتخاذ أي اجراء تجاه تل أبيب يساعد الرأي العام الاوروبي على مسح الاهانة التي تعرضت لها قيادته السياسية. ولا تزال دول الاتحاد الاوروبي تتدارس بعد آسابيع من التدخل العسكري الاسرائيلي السافر في الاراضي المحتلة فرض عقوبات اقتصادية على اسرائيل اذا رفضت الانسحاب من الاراضي الفلسطينية.

 

يرجع هذا الضعف الذي تعترف به اوروبة نفسها للانقسامات السياسية  الكبيرة التي تخترق الاتحاد الاوروبي بالرغم من التقدم الذي شهدته حركة التكامل الاقتصادي فيه. لكنه يرجع ايضا وربما بشكل اكبر الى ان المصالح المشتركة الامريكية الاوروبية, بعكس ما يبدو على السطح اقوى بكثير من مصالح اوروبة في أي منطقة اخرى في العالم. وعندما تجد بروكسيل نفسها مضطرة للاختيار بين مصالحها لدى الاطراف الاخرى ومصالحها لدى الولايات المتحدة الامريكية فإنها تختار لا محالة الثانية. وسوف تظل هذه القاعدة جارية مادامت الولايات المتحدة قادرة على ممارسة دور القيادة المنفردة للشؤون الدولية أي على اعادة انتاج نظام القطبية الاحادية وتكريس العلاقات الامبرطورية. ولا شك ان اوروبة تواجه ترددا واحراجا اقل في الاختيار عندما يتعلق الامر بالمقارنة بين مصالحها العربية ومصالحها الامريكية.  واالنتيجة انه اذا كانت اوروبة لا تشعر بضرورة ان تتخذ أي مبادرة عملية للضغط على الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل بشأن القضايا العربية وفي مقدمها قضية فلسطين فلأن العالم العربي لايزن شيئا. وهنا اصل المشكلة.