التونسيون يعيدون إحياء الأمل من جديد

:: face book

 

فتح التصويت على الدستور الجديد في تونس نافذة أمل كبيرة لجميع شعوب الربيع العربي التي لا تزال تقاوم الثورة المضادة وفي سورية العدوان المتعدد الأطراف للحلف السوري الايراني الروسي. فقد نجح التونسيون لأول مرة في تاريخ الدساتير العربية في إدراج مبدأ حرية الضمير الذي يعني، أكثر من حرية الرأي، منع الإكراه في الدين، أو فرض الوصاية على عقل الفرد وضميره، وحرمانه من حق الاختيار حسب ضميره. وهذه هي الخطوة الأكبر لتحرير الانسان الفرد من الازدواجية والنفاق والازدواجية والتدليس، نتيجة الإكراه، في الحياة العامة والسياسية وفي علاقات الأفراد في ما بينهم.

هذه المادة هي في جوهر معنى الحرية التي تهدف إلى أن تجعل من الفرد سيد نفسه، في كل ما يتعلق بتنظيم حياته ومشاركته في مصير مجتمعه، وأن كل الأفراد لهم رأي وقادرين على التفكير والمساهمة في بلورة رأي جماعي وقانون مجمع عليه ومختار من قبل الجميع لا مفروض من قبل رئيس أو حزب أو طغمة حاكمة. وهذا هو عكس ما يحصل اليوم في مجتمعاتنا حيث تختصر الأمم والشعوب إلى شخص ملهم يحتكر السلطة بكل وجوهها السياسية والعسكرية والفكرية والأخلاقية، ويترك الجميع من دون قيمة أو مكانة أو هوية، باستثناء العبودية والتبعية والإمعية.

ما كان من الممكن لمثل هذا التطور الدستوري أن يحصل في تونس من دون ارتفاع حركة النهضة على مسبقاتها وخصوصياتها الفكرية وإرادتها في الالتقاء مع جميع التونسيين والمشاركة بتنازلات تضمن تقاربهم الفكري وتفاهمهم واتحادهم.

بهذه المناسبة أعيد التذكير بما كنت أؤكد عليه دائما، من أننا لا ينبغي أن نيأس من امكانية تطور جميع الحركات والتنظيمات، مهما بدت متعصبة أو مغلقة اليوم، ولا أن نفقد الأمل بقدرة الناس على التفكير والتقدم والنضج، عندما تتشكل الأجواء المناسبة لذلك.

هذه دعوة للآخرين ومثال يستحق أن يحتذى.

فشكرا لتونس والنخبة التونسية، بأطيافها الفكرية المختلفة التي عرفت كيف تتجاوز حساسياتها وخلافاتها الفكرية، وتجتمع حول مباديء أخلاقية نوعية، وتؤكد نفسها كنخبة مسؤولة وقادرة على العمل من منطلق بناء أمة ودولة.