إعلان هدنة العيد

:: face book

 

 يشكل قبول النظام السوري بالهدنة خلال عيد الاضحى التراجع الواضح للنظام عن مواقف الغطرسة التي لم يتخل عنها في أي حقبة سابقة، كما يشكل اعترافا بفشل الحل الأمني العسكري الذي تبناه النظام من دون تعديل أو تغيير منذ بداية الثورة، ومن ثم اعترافا رسميا أيضا بنجاح المقاومة الشعبية المسلحة في فرض نفسها وحتمية القبول بالتعامل معها كطرف شرعي مكافي. ويمثل كل هذا تقويضا عميقا لجوهر الخطاب السياسي والإعلامي الذي طوره هذا النظام منذ عشرين شهرا عن مواجهته المنظمات الارهابية، ليطمس الحقيقة التاريخية الباهرة لثورة السوريين العظيمة من اجل الحرية والكرامة وحقوق المواطنة. والسبب الأول في قبول النظام بالهدنة ليس شعور النظام بالشفقة على شعبه أو التقليل من عدد الشهداء والجرحى ومن الخراب والدمار. فلو كان هذا من سلوكياته لما أطلق شبيحته وقناصيه وطيرانه ومدفعيته ضد السكان الآمنين والعزل في المدن والقرى والأحياء السورية. بل لو كان عنده ذرة من القيم وأخلاق السياسة والانسانية لقرر من تلقاء نفسه الانسحاب حتى يسمح للشعب أن يقرر مصيره ويتجنب سفك الدماء. إن الذي دفعه إلى قبول الهدنة هو التقهقر المستمر الذي يعيشه جيشه وميليشياته على كامل التراب الوطني وسعيه إلى الاستفادة من الهدنة لترميم قواته والتقاط أنفاسها التي ندعو الله أن تكون الأخيرة. وهذا يعني أن على الثوار أن يكونوا على يقين من أنه لن يوفر فرصة يمكنه استخدامها لتحسين مواقعه خلال ايام الهدنة من دون أن يستغلها، وأنه كما عودنا دائما لا يمكن أن يلتزم بقرار ولا أن يحترم عهد، وأن الخيانة والخديعة والغدر هي القيم الوحيدة التي تحكم سولكه واخلاقياته، وهي التي سمحت له بالبقاء والاستمرار حتى اليوم.

ينبغي على الثوار إذن أن يكونوا على غاية الحذر والانتباه. وأن يستفيدوا من هذه الهدنة لدفع قضيتنا الكبيرة شوطا كبيرا إلى الأمام. وأفضل طريقة للاستفادة من الهدنة لتوفير المزيد من الدماء، وبالمناسبة امتحان نوايا النظام هي تنظيم المظاهرات السلمية الكبيرة غدا، لتكون العيدية الحقيقية التي يقدمها السوريون للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حريتنا، ولجميع أولئك الذين عذبوا وأودعوا سجون الحقد والكراهية وأؤلئك الذين دمر قمع النظام وعنفه حياتهم وشردهم ودفعهم إلى المهاجر واسكنهم المخيمات. لقد كان وقف إطلاق النار المطلب الرئيسي للشعب منذ بداية الثورة حتى يتاح له التعبير الحر عن رغبته وإرادته. وهو ما كان يرى فيه النظام تهديدا لوجوده. ولم يكن الهدف من القتل المنهجي المنظم خلال الاشهر العشرين الماضية سوى منع المواطنين من التظاهر ورعهم عن الخروج إلى الشوارع واحتلال الساحات، ليؤكدوا أمام العالم للمرة الألف اختيارهم الذي اصبح اليوم معروفا بما قدموه من تضحيات: اسقاط هذا النظام الدموي الذي ليس له في العالم نظير، ولم يسبق أن وجد نظام في درجه وحشيته في أي مكان على وجه الأرض.

لنجعل من هذا اليوم المبارك عيدا للسلام ومناسبة لاستعادة روح المحبة والتضامن والتكافل بين جميع السوريين الذين ضحوا بأموالهم وأنفسهم من أجل نصرة شعبهم ووطنهم ومباديء الحق والعدل والإخاء، وإدانة مدوية لنظام القتل والجريمة والفساد والاستعباد.