عن هجوم الربيع الدمشقي

:: face book

 

مهما كانت الظروف وهوية القوى والفصائل التي كسرت الحصار والجمود في دمشق يشكل تحطيم دفاعات النظام في مناطق نفوذه وسيطرته، وفي العاصمة، بشكل خاص، ضربة قاسية على الرأس للأسد ومشروعه في البقاء في السلطة والاصرار على الحسم العسكري. ومهما كان مآله، فهو يؤكد الحقائق التي طالما ذكرنا بها وذكر بها المحللون السياسيون والاستراتيجيون. أولها أن القوة العسكرية لا تنفصل عن القوة السياسية، وأن استمرار النظام في سياسته الرامية إلى تحطيم سورية الواحدة، والرهان على انقساماتها، واستبدال جيشها الوطني بميليشيات  تابعة  لمجموعات المصالح والقوى المؤيدة له، لا يمكن أن يضمن لأحد البقاء، وهو يقود حتما إلى الفشل والهزيمة، حتى لو نجح في تدمير القسم الأكبر من العمران وتشريد نصف الساكنة السورية.  والجميع يعترف اليوم، بما فيهم النظام، بأن سقوطه معلق على قرار حلفائه الذين يقومون اليوم تقريبا وحدهم بمهمة حمايته والحفاظ على بقائه بأمل استخدام وجوده لتحقيق مصالح قومية خاصة بايران وروسيا واسرائيل. وثانيتها، أن الدعم والتدخل المباشر من قبل الحلفاء الروس والايرانيين لن يكون كافيا للحفاظ على النظام ولا يمكن له ان يكون بديلا للأساس الوطني والدعم الشعبي، ولا أن يقف أمام انهيار صرح عسكري وسياسي متهافت فقد بناته أنفسهم ثقتهم به وببقائه. لكن الدرس الأهم من هذا الهجوم الكاسح هو أن الشعوب يمكن أن تخسر معركة وتستمر لكن النظم لا تستطيع أن تنتصر على شعوبها، بينما غاية وجودها هي حماية حقوقها والدفاع عنها ، وعندما تسعى للانتصار تجد نفسها مباشرة وحتما ساقطة في حضن القوى الأجنبية، الأكثر عداء لشعوبها، التي تتصيد الفرص للانقضاض عليها . وهي ساقطة في الحالتين.

لا يزال الأسد يؤجل مطلبا تاريخيا لم يكف الشعب عن التذكير به وترداد معانيه منذ اول أيام الثورة ، ويرفض أن يعلن استعداده للرحيل ليبدأ تاريخ ولادة سورية الحقيقية، وخروجها من رمادها ومن الجحيم الذي قادها إليه نظام مجنون فقد أي اتصال بالعقل والواقع، عن وعي وسابق إصرار، على أمل تحطيم الشعب الذي رفض التسليم بعبوديته له والاصرار على إذلاله. لكن مهما حاول الهرب وحلفاؤه من مصيره، اعلن هجوم دمشق الأخير أن الساعة اقتربت ولن يطول الوقت قبل أن ينشق قمر سورية الجديد.