عندما يستجمع جون كيري شجاعته

:: face book

يستحق جون كيري تهنئة خاصة لتجرئه على تذكير موسكو في آخر تصريحاته في سياق المداولات الدولية حول انقاذ الهدنة في سورية : لا يحتاج التوقف عن قصف المشافي في حلب إلى اتفاقية خاصة، وكان عليه أن يقول إنه يشكل جريمة حرب، مثل كل عمليات قصف المدنيين. لكن في الدرجة الصفر من الالتزام بالقانون بل حتى بالحد الأدنى من الضمير الانساني، يبدو إعلان كيري مثل هذا الموقف تقدما كبيرا إن لم يكن دليلا على استعادة كيري لشجاعة مفقودة.
وكي يدرك القراء أهمية هذا التقدم، يكفي أريد أن أنقل إليكم فحوى نقاش في آخر لقاء جمعني مع كيرى مع وفد من المعارضة أواخر عام ٢٠١٤. قلت من ضمن الحديث بين الجد والهزل: قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة والصواريخ الباليستية انتهاك خطير لقوانين الحرب وينبغي التركيز عليه وعدم السماح باستمراره. أجابني كيري اتوماتيكيا، وماذا نقدم للأسد في مقابل وقف القصف؟ قلت ساخرا وقد فوجئت بالجواب: نتوقف عن قصفه بالأسلحة الكيماوية. قال كيف وهو مستغرب: قلت تدعي دبلوماسية الأسد أن من أطلق العبوات الكيماوية في الغوطة وغيرها هي المعارضة. حسنا ستقولون له أن المعارضة ستكف عن ذلك إذا توقف عن قصف الأحياء المدنية.
ذكرت هذه الحادثة لأنها تعكس تماما كيف يفكر كيري والطريقة التي يتفاوض بها مع الطرف الآخر: ما لا يمكن الوصول إليه بتنازلات يمكن التوصل إليه بتنازلات أكبر. هذا ما أوصل القضية السورية إلى الطريق المسدود الذي وصلت إليه. ومعروف أن وزير الخارجية الامريكي هو الذي يقود دبلوماسية مجموعة ما يسمى بأصدقاء سورية بأكملها.