حتى لا ننسى بطولات أبنائنا

:: face book

 

تفجر الثورات عادة أعظم ما تتحلى به الشعوب من قيم التضحية والكرم الأخلاقي والغيرية ونكران الذات حتى درجة التضحية بالروح، لكنها تكشف أيضا عن كل العيوب الجماعية والفردية للمجتمعات. 
ولا تشذ الثورة السورية عن القاعدة. فما أظهره السوريون من الشجاعة والبطولة وروح التضحية والفداء، في سبيل قضية الكرامة والحرية ورفض الاستعباد، يكاد يكون من دون سابقة في تاريخ ثورات العالم. لكنها لم تشذ ايضا عن القاعدة في إبرازها الكثير من الملامح السلبية التي تميز الشخصية السورية، من فردية مفرطة، وغياب روح التنظيم الجماعي الذي يرتبط بقبول المراتبية الوظيفية، والمسؤولية، واحترام السلطة الشرعية، والالتزام بخطة العمل الكلية والاندراج فيها. ومن ثغرة الملامح السلبية هذه دخل إلى صفوف الثورة الكثير من المتسلقين والوصوليين والانتهازيين، وعملوا على الإساءة للشعب وللثورة نفسها.
وعلى هذه الإساءة، وما يرتبط بها من أعمال مخلة بروح الثورة وقيمها وأهدافها،
بعد ما يقارب السنوات الثلاث من التضحيات الهائلة، ومع تدهور شروط المعيشة في بعض الأوساط الاجتماعية وبعض المناطق إلى ما فوق الاحتمال، وتهديد مناطق عديدة بالمجاعة، من الطبيعي أن يستند أعداء الشعب والحرية على هذه الإساءة التي يقوم بها أناس ركبوا قطار الثورة ولم يكونوا جزءا منها، لتعبئة الرأي العام وشحنه ضد الثورة ومشروعها.

وإذا كان من الواجب فضح هؤلاء المتسلقين ومعاقبتهم على ما يقومون به من إساءة للشعب ومشروعه التاريخي. فمن الواجب أكثر أن لا ندع الحديث عن السلوكات والمواقف والحوادث السلبية المسيئة يغطى على الأوجه المشرقة العظيمة لثورة السوريين، على تضحيات شاباتها وشبابها الذين لا يزالون يسطرون كل يوم، ملاحم جديدة في مواجهة الألة العسكرية لنظام هالك سلم أمره بعد انهياره إلى القوى الأجنبية التي تتحدث باسمه وتقود خطاه.
وفي هذه الأيام بالذات، لا يمكننا، أمام ما يقوم به أبطال كتائب الجيش الحر من مآثر، كما تظهر ذلك الاندفاعات الجريئة على جبهات غوطة دمشق، وحلب وحماة وحمص والباب وغيرها، واخيرا في درعا البلد التي أصبحت المدينة الثانية المحررة من رجس كتائب الأسد والميليشيات التابعة لايران، إلا أن نهنيئ هؤلاء الشباب الشجعان على إنجازاتهم الرائعة، ونعبر لهم عن اعتراف الشعب وحبه وإجلاله لمواقفهم وبطولاتهم. وأن ندعو لشهدائنا الذين قضوا في ساحات الشرف، فداءا لشعبهم وعقيدتهم، بالرحمة، ونعاهدهم على أن نبقى على مستوى تضحياتهم، أوفياء لدمائهم الطاهرة ومخلصين لذاكرتهم الحية أبدا