بين ثمن الرفض ومخاطر القبول

:: face book

 

لا يزال مؤتمر جنيف٢ المحور الرئيسي لاجتماعات قوى المعارضة المختلفة. وبعد رفض المجلس الوطني المشاركة في المؤتمر، ينعقد اليوم اجتماع الهيئة العامة للائتلاف لتحديد موقفها من الموضوع ذاته. ويدور النقاش هنا كما بين صفوف المعارضة بأكملها، من دون تغيير تقريبا منذ ما يقارب العام، بين من يريد الذهاب إلى جنيف ومن يرفض هذا الذهاب.مما يعطي الانطباع بانقسام المعارضة، ومن وراء ذلك، بالعجز عن اتخاذ قرار قبل أقل من عشرين يوم على التاريخ المفترض لعقد المؤتمر.

لا اعتقد أن المطلوب من المعارضة أن تعلن في ما إذا كانت ستذهب للمشاركة أم لا،وإنما كيف تساهم في تطبيق قرار مجلس الأمن الذي قبلته، وبالتالي أن تقول كيف يمكن لمؤتمر جنيف أن يكون ناجحا ويحقق أهدافه، وما هي الشروط التي ينبغي أن تتوفر له كي يتحول إلى فرصة لتطبيق قرار مجلس الأمن والخروج فعلا بحل سياسي، أي بهيئة تنفيذية كاملة الصلاحيات، تحل محل السلطة المجرمة القائمة، ولا يكون وسيلة للتغطية على استمرار القتل والدمار، ولا فرصة لتهرب نظام الأسد من جرائمه والمجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه الشعب السوري. 
 الاجابة بالرفض البسيط يسهل المهمة على نظام الأسد ويضع المعارضة في تباين كبير مع ما يسمى الشرعية الدولية، أي قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة. لكن في المقابل إن الإجابة بنعم من دون اتخاذ الضمانات التي تمنع تحويل المؤتمر إلى مضيعة للوقت والجهد قد تعطي للأسد ضمانة بأن يكون الرابح السياسي الأول من جر المعارضة إلى مفاوضات مسمومة.
 المعارضة ليست هاوية لاستمرار المقتلة السورية حتى ترفض المبادرات السياسية، لكن لا يحق لها أيضا، في الوقت نفسه، أن تقامر بثلاث سنوات من تضحيات الشعب السوري العظيمة.
حتى لا نقع في مطب اللا أو النعم الذي يعكس غياب السياسة، ينبغي التمسك بشرطين هما المبرر للمؤتمر : 
أولا، أن تعلن سلفا أن موضوع المفاوضات الوحيد ينبغي أن يكون نقل السلطة إلى هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وبالتالي أن تبدأ بتشكيل هذه الهيئة.
وثانيا أن يعلن نظام الأسد التزامه على لسان أعلى سلطة فيه بتشكيل هذه الهيئة التنفيذية كموضوع وحيد للمفاوضات، وترك كل المسائل الأخرى، التي يطالب بطرحها لهذه الهيئة التي ستصبح حال تشكيلها السلطة العليا في البلاد، وعليها يقع عبء مواجهة كل مظاهر المحنة السورية. 
إذا رفضت سلطة الأسد هذين الشرطين المتطابقين تماما مع نص قرار مجلس الأمن وهدفه، تكون هي المسؤولة عن إجهاض المساعي الدولية لايجاد حل سياسي، وإذا قبلته تكون قد أقرت بواجب تنازلها عن السلطة لهيئة الحكم الجديدة.
والحقيقة ما يطلبه مجلس الأمن من المعارضة والنظام ليس تأكيد القبول أو الرفض لقراره وإنما المساهمة في تنفيذ قرار مجلس الأمن القاضي بتشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات، بهدف وقف القتال والاعداد لمرحلة الانتقال نحو سورية ديمقراطية جديدة. 
ولا يحتاج المرء إلى ذكاء عميق حتى يدرك أن نظام الأسد لا يفكر في أي حل سوى الانتقام من الشعب والوطن والاستمرار في تدمير البلاد وقتل السوريين الذين تجرأوا على الانتفاض ضده ورفض سلطة نظرت دائما إلى نفسها على أنها سلطة أبدية، وسلطة الأمر الواقع، والقهر والإكراه، وبالتالي خارج أي مساءلة أو حساب.