بين الواقعية والحماقة السياسية

:: face book

 

صدمني ما سمعته من رئيس وزراء فرنسا السابق ” فرنسوا فيون” الذي كان ينتقد على إحدى القنوات الفرنسية سياسة الرئيس هولاند ويطالب بالعودة إلى التعامل مع الأسد لتأمين مساعدته في الحرب ضد الأرهاب. وكانت حجته في ذلك أن أوروبا الديمقراطية تحالفت مع ستالين ولم يكن أقل همجية من الأسد للوقوف في وجه النازية، وأن الديكتاتورية الدموية تشكل خطرا محدودا يمس سكان البلاد التي تسيطر عليها أما الارهاب فهو كالنازية يشكل خطرا عالميا يهدد الجميع.
وهذا ما يسمى بلغة السياسيين الأوروبيين الذين يتبنون هذا التحليل بالواقعية السياسية.
كان بودي أن أقول للسيد فيون وأصحابه، أنسيتم أنكم أنتم الذين وضعتم نظام الأسد والدولة السورية بسببه، على قائمة الارهاب منذ سنين طويلة قبل الثورة وأن النظام السوري مع حليفه الايراني كان منذ عقود هو الراعي والمنظم والمستخدم للارهاب وأنه لم يتوجه لا هو ولا ميليشيات طهران للحرب ضد داعش ولكنهه استخدمها لضرب المقاتلين الاحرار في سورية، وأن التهمة الرئيسية للأسد والبعث عموما العراقي والسوري كانت استخدامهما للارهاب.
ثم إذا كان من الواقعية تاهيل شخص يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بإحالته إلى محكمة الجنايات الدولية حسب ما تدعو له المنظمات الانسانية والحقوقية جميعا، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم إبادة جماعية بالكيميائي وبالبراميل المتفجرة والدمار الشامل للمدن والأحياء السكنية،
أليس من المثالية ولا أقول الغباء أن يتصور السيد فيون وجماعته أن ملايين السوريين الذين فقدوا أعزاءهم من أبناء وآباء وزوجات وأخوة تحت القصف أو في أقبية التعذيب وأضاعوا كل ما يملكونه سوف يقبلون بذلك وينصاعون لرغبة السيد فيون، ويتخلون لسواد عيونه عن حقوقهم ولا يشكلون جحافل متطرفة وإرهابية أخرى تستهدف ربما من يدعم الأسد أكثر من الأسد نفسه.
الذين يريدون أن يمرروا جريمة الأسد التي لا تشابهها في العصر الحديث سوى جريمة المحرقة النازية ليسوا منعدمي الضمير والحس الانساني فقط ولكنهم شركاء في الجريمة وسياسيون رخيصون لا لاقيمة لهم. من يستهتر بحياة الإنسان وحقوقه ومصيره لا يمكن أن يكون مسؤولا عنه.