ليس الاعتقال الوسيلة المثلى للحفاظ على الاستقرار

2002-04:: الجزيرة نت

ليس الاعتقال الوسيلة المثلى للحفاظ على الاستقرار

منذ بداية حركة الاحتجاج والاعتصام والتظاهر لفلسطين لا تكف الانباء القادمة من العواصم العربية عن الحديث عن الصدامات العنيفة بين رجال الامن والمواطنين المتظاهرين في الشوارع العربية لدعم الصمود الفلسطيني او للتعبير عن الاحتجاج والاستنكار لسياسات الدول التي تؤيد اسرائيل وترفض ان تتحمل مسؤولياتها في لجم حكومة شارون العنصرية ومنعها من استكمال مخططاتها الاجرامية. وقد لجأت قوات الأمن في مرات عديدة الى إطلاق الرصاص الى جانب استخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين. وصار من المعروف أن هناك عشرات المعتقلين اليوم ومئات الجرحى القابعين في المستشفيات العربية نتيجة تدخل قوات الامن بصورة غير سليمة وغير مفهومة معا.
لا أدري كيف يمكن تفسير هذا السلوك الخاطيء من قبل سلطات الامن العربية وما هي مصادر الخوف من حركة تضمان مع الشعب العربي الفلسطيني الذي يتعرض لمحنة تاريخية ومن مسيرة احتجاج على حكومات اسرائيلية وامريكية لا تزال تردد منذ اشهر, وبصرف النظر عن كل ما يجري على الارض, اطروحات مرفوضة عن مسؤولية الفلسطينيين في انهيار عملية السلام وعنفهم النابع من ثقافة التعصب والانتحار ولا تجد كلمة واحدة سلبية تصف فيها سلوك زعيم اسرائيلي حملته محكمة بلاده نفسها مسؤولية كبيرة في المجازر الجماعية الوحشية التي حدثت من قبل سنوات في مخيمات صبرا وشاتيلا في لبنان.

لا يخدم ضرب المتظاهرين واعتقالهم وقتل بعضهم الاستقرار الذي تبحث عنه النظم العربية في هذه الفترات العصيبة ولا يوفر على الحكومات الجهد الضروري لتحسين مستوى ادائها في مواجهة قضية المقاومة والحرب الدائرة في فلسطين. إنه يأتي ليرسخ الاعتقاد السلبي السائد من ان الانظمة ليست معنية كثيرا بالكفاح الفلسطيني او انها تخاف من الانتصار. وهذا يعني ان المخاطر التي تخشى منها الحكومات تصبح اكثر احتمالا مع تزايد اللجوء الى القمع لأنها تدفع الى الجمع بين الاحباط الشعبي الناجم عن التقصير والاحباط الناجم عن التقصير. ويخشى اذا استمرت الامور على هذا المنوال أن تكون النتيجة تداخل مشاعر النقمة الوطنية على اسرائيل والولايات المتحدة مع عوامل النقمة على الاوضاع والنظم السياسية فندخل في حالة شبيهة تماما بتلك التي عرفتها البلاد العربية او معظمها بعد نكبة عام 1948.

على أولئك المعنيين بشؤون المجتمعات العربية ومستقبلها أن يدركوا ان تظاهرات الشباب العرب في الجامعات والمدارس ومشاركة الجمهور الواسع الذي اختفى منذ فترة طويلة من الحياة العامة في المسيرات يشكلان بوادر نهضة سياسية وان هذه النهضة لا تعني شيئا أخر سوى التغلب على روح السلبية التي سادت في الحقب الماضية بسبب الصراعات السياسية العنيفة التي شهدتها الساحة السياسية العربية في جميع البلدان والتي ادت في معظم الاحيان الى الانقسام والاقتتال بين الأخوة وعممت ظواهر الاعتقال والحبس من دون محاكمة والانتقام بل والاغتيالات السياسية في كثير من الحالات. ولا يعني التغلب على روح السلبية والنزوع الى الانخراط من جديد في الحياة العمومية سوى استعادة الثقة بالذات والاستعداد المتزايد لحمل المسؤولية الوطنية والقبول بالتضحيات التي تصدر عن قبول هذه المسؤولية.