المعارضة والثورة والفاتيكان

2014-08-25:: العربي الجديد

"اعتبر مبعوث البابا الى سوريا ماريو زيناري ان انسداد الافاق السياسية والمصالح المادية هي التي تدفع، اكثر من "المعتقدات الايديولوجية"، الشبان السوريين الى الانضمام لتنظيم الدولة الاسلامية".

وفي حديث لاذاعة الفاتيكان قال محللا ان "هؤلاء الشباب المقاتلين الذين يغذون صفوف المتطرفين لا يفعلون ذلك عادة بدافع قناعة ايديولوجية لكن لانهم يشعرون بالاحباط لعدم تقدم افكار الديموقراطية والحرية ولجمود الوضع". واضاف ممثل الفاتيكان "انهم ينضمون الى هؤلاء لانهم اكثر فاعلية واحيانا ايضا لانهم يتلقون دعما اقتصاديا اكبر".
 من المهام التي شغلتني منذ تسلم رئاسة المجلس الوطني كان لقاءا مع البابا لقطع الطريق على دعايات النظام بأن الثورة تشكل تهديدا من قبل الاكثرية السنية أو المسلمة للأقليات. لم نترك واسطة ممكنة منذ الأيام الأولى للمجلس، من وزير الخارجية الايطالي الأسبق إلى وزراء عدة دول أخرى، إلى جميعة سانتي جديو القريبة من الفاتيكان، إلى رجال الدين العرب، لم نجربها لانتزاع صورة مع قداسة البابا وليس بالضرورة لقاءا. لكن ذهب جهدنا عبثا. واضح أن المسؤولين في الفاتيكان ما كانوا يريدون أن يعطونا أي اعتراف يعزز خطاب الثورة السورية الديمقراطية والانساني. أغلقوا هم أيضا الآفاق أمامها، تماما كما فعلت الدول الأخرى عندما منعت عنها الدعم السياسي الحقيقي والعسكري. وساعدوا النظام على محاصرتها. وكانت النتيجة دمارا للدولة والمجتمع كان المستفيد الوحيد منه الجماعات المتطرفة العدوة للأكثرية والأقلية معا. 
عبثا حاولنا أن نقنع مسؤول العلاقات الدولية الذي استقبلنا في الفاتيكان بالطبيعة السياسية الديمقراطية للثورة وانعدام أي احتمالات عدائية للأقليات. ولم تلق دعواتنا للقاء مع قداسة بابا الفاتيكان أي رد. كان رجال الدين هناك يعتقدون هم أيضا أن موقفهم هذا هو أفضل خدمة للطوائف المسيحية في مواجهة خطر صعود نفوذ الاكثرية الاجتماعية التي هي بالضرورة أكثرية إسلامية. وكل ذلك هو النتيجة المؤلمة للخوف من الاسلام الذي تغذى من خلط الأوراق، ومن المطابقة بين حركات الاحتجاج والتمرد والصراع الاجتماعية والسياسية والعقيدة الدينية. 
 كم كان كلام مبعوث البابا لإذاعة الفاتيكان البارحة سيخدم السوريين، مسلمين ومسيحيين، لو أن الفاتيكان تحدث بهذه اللغة منذ سنتين أو ثلاثة، عندما كنا نستميت من أجل أن نظهر للعالم حقيقة مطالب السوريين، الديمقراطية، وكم كان سيساهم في قطع الطريق على النظام الذي اتخذ الأقليات الدينية متراسا يحارب من خلفه شعبا كاملا، من دون أن يسأل عن حياة أحد أو مصيره، بصرف النظر عن أي مذهب أو دين. وكم كان مثل هذا الكلام الحق سيحد من نفوذ القوى المتطرفة التي تتخذ اليوم من تذرع النظام بحماية الأقليات ذريعة للانقضاض عليها أو التشكيك في ولائها الوطني ووفائها.