العمليات الاستشهادية وحدها لا تكفي لربح المعركة ضد أمريكا وإسرائيل

2002-06:: الاتحاد

 

لم يميز المعارضون للعمليات الاستشهادية بين عمليات استشهادية التي تستهدف المدنيين وتلك التي توجه ضد أهداف عسكرية أو شبه عسكرية من ميليشيات استيطانية واستعمارية, فبدوا وكأنهم يعارضون كل عمل عنيف بصرف النظر عن الأغراض التي يستهدفها. وإذا أردنا أن لا تتحول العمليات الاستشهادية إلى مصدر للتنازع والانقسام داخل الصف الوطني الفلسطيني فليس هناك مهرب من هذا التمييز وبوضوح منذ البداية.
ولا أعتقد أن هناك من يدافع عن عمليات تستهدف بالدرجة الأولى المدنيين ويمكن بالتالي وضعها بسهولة في دائرة العمليات الارهابية. ومن المنطلق الأخلاقي لا يمكن لأي إنسان, عربيا كان أم لا, مسلما أم غير مسلم, معتديا أم معتدى عليه, أن يقبل استهداف الأبرياء للتأثير على المذنبين. ولا يرفض حتى المدافعون عن العمليات الانتحارية هذا المبدأ لكنهم يلتفون عليه عبر التأكيد على أن كل اسرائيلي مسؤول لأنه قبل بمشروع طرد شعب من أرضه والحلول في مكانه أو لأنه يقبل بالاستيطان أو يؤيد السياسة العدوانية الشارونية. ومنهم من يضيف إلى ذلك أن الإسرائيليين الذين يملكون من الأسلحة ما لا يمكن مقارنته بأسلحة الفلسطينيين لا يفعلون شيئا آخر سوى ضرب المدنيين الأبرياء والانتقام منهم. وهذا هو مضمون حملات الرد الانتقامية الاسرائيلية وما تشمله من عقوبات جماعية بحق الفلسطينيين.
لكن ليس من الصعب الرد على هذه الحجج. فمن الناحية الأخلاقية, وعلى المنوال المذكور نفسه, يمكن القول أنه لا يوجد هناك بريء بالمطلق وكلنا مسؤولون عما يجري في العالم سواء لأننا ضالعين فيه أو لأننا صامتين عنه أو لأننا غير مدركين لهول ما يحصل. والعرب والفلسطينيون مسؤولون أيضا بهذا المعنى عما حصل ويحصل لهم لأنهم سمحوا للاسرائيليين أن يتفوقوا عليهم ويحتلوا أراضيهم ولم يبذلوا الجهد اللازم والسليم أو في الطريق السليم لتحييد القوة الاسرائيلية منذ نصف قرن.
ومن الأفضل لضبط موضوع النقاش التخلي عن استخدام كلمتي الأبرياء والمذنبين هنا. ذلك أنه لا يوجد هناك من يستطيع أن يميز في صفوف المارين البريء من المذنب بالفعل. وإنما ينبغي الحديث ببساطة عن المدنيين الذين لا يشاركون في القتال. ومن الممكن تماما أن يكون بين المدنيين مجرمون حقيقيون وضباط سابقون اقترفوا أعظم المجازر بحق الشعب الفلسطيني. كما أن استخدام اسرائيل لهذه الوسيلة لا يضفي أي مشروعية على استخدامها من قبل خصومها, فالخطأ الأخلاقي لا يصبح موقفا صحيحا بتعميم الوقوع فيه على أكثر من طرف أو على الخصم.
والواقع أن الامتناع عن قتل المدنيين أصبح يشكل وجها من وجوه التقدم الأخلاقي الانساني والسعي المشترك للسيطرة على غرائز القتل ومنطق استخدام القوة المنفلتة من أي قانون. وقد تحول هذا الموقف إلى قانون تنص عليه اتفاقات جنيف المتعلقة بالحرب لكنه بقي قانونا شكليا لأنه لا يمتلك أداة تطبيقه, لذلك من الأدق القول إنه تحول إلى عرف دولي.
وفي الواقع العملي ليس هناك من يستطيع أن يمنع أحدا من التعرض للمدنيين. والحكومات الاسرائيلية جعلت صراحة من قصف القرى والمدن الآمنة في فلسطين وجنوب لبنان سياسة رسمية ودائمة باسم الانتقام من أهالي المسؤولين عن عمليات مقاومة أو عن عمليات فدائية. لكن الرادع الوحيد عن القيام بذلك هو حساب الخسائر السياسية الناجمة عن إدانة الرأي العام لهذه الاعمال. ومن الواضح أن إسرائيل تملك هامشا أكبر للتسامح معها عند القيام بمثل هذه الأعمال, لأسباب تاريخية وثقافية وسياسية, من الفلسطينيين والعرب المتهمين أساسا بتحويل الارهاب إلى سياسة قومية, أي حكومية وأهلية معا, من قبل المجموعة الدولية المعاصرة, سواء أكان ذلك بسبب نجاح اللوبيات الاسرائيلية والصهيونية في تأليب الرأي العام العالمي ضد العرب أم بسبب مبالغة بعض العرب أنفسهم في استخدام منطق القوة الذي ادخلته اسرائيل في المنطقة للوصول إلى حلول سريعة لمشاكل مستمرة.
بالتأكيد تنطوي مشكلة استهداف المدنيين على نفاق عالمي كبير. ويعتمد الموقف منها غالبا على الموقع الذي يجد الطرف المتحدث أو الفاعل نفسه فيه. كما أن من الواضح أن معايير العمل السياسي الصحيح تقررها القوى المسيطرة والسائدة نفسها لمنع القوى الأخرى من استخدام وسائل تهدد استقرار النظام العام. وهي تحدد نوعية الوسائل التي يحق استخدامها في السعي لتغيير إرادة الخصم أو التأثير على القرارات التي ينبغي عليه اتخاذها. وهذا يتعلق إذن بشكل رئيسي في اختيار الفاعل لوسيلة العمل الأنجع من بين الوسائل العديدة الشرعية الممكنة وتبرير هذا الاختيار. فلا أحد يعترض على دولة تستخدم وسائل قسر قوية ضد متمردين ولا في الرد بعنف على استفزازات دولة أخرى. فكل هذا مقبول سياسيا مهما كان عدد الضحايا المدنيين من الطرفين. لكن ليس من المقبول سياسيا أن ترد دولة ما على استفزاز صغير لبعض مواطني دولة أخرى بإعلان الحرب الشاملة مثلا. ولذلك يسعى الفاعل هنا باستمرار إلى تضخيم حجم التهديدات التي يتعرض لها ليبرر ردا حاسما عليها ربما كان يهدف من ورائه إلى تحقيق غايات مختلفة وإضافية. وهكذا عندما يبرر الاسرائيليون عمليات الانتقام الجماعي والاحتلال وتهديم البيوت على أصحابها وقتل المدنيين وتدمير بنيات المجتمع التحتية فهم يقولون أن الأمر يتعلق بمصير إسرائيل ولن تتراجع إسرائيل عن اتخاذ أي إجراء يضمن بقاءها وأمن سكانها حتى لو اضطرها الأمر إلى تدمير حياة شعب آخر. فهذه مشكلته لا مشكلتنا. وهو المنطق ذاته الذي اعتمدت عليه الولايات المتحدة في محاصرتها العراق إذ اعتبرت أن المخاطر الناجمة عن بقاء النظام العراقي بالنسبة للمصالح الأمريكية والعالمية تبرر حرمان الشعب العراقي من حقوقه وحرياته وضرب حصار تاريخي لا يرحم عليه يكبده عشرات مئات الضحايا من المواليد الرضع والأطفال كل عام. ففي هذه الحالات لا ينظر إلى ما يصيب المدنيين كسبب كاف لمنع الحرب وبالتالي يسمح ببساطة بخرق مباديء الأخلاق. وبشكل عام إن فكرة الدفاع عن النفس تستخدم اليوم في العالم كله, وفي مقدمه من قبل القوة الأعظم الولايات المتحدة, لتبرير الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان وللقوانين الدولية ولإضفاء المشروعية عليها. وهذه الذريعة التي تكاد تكون مقبولة عالميا كمبرر لتجاوز القوانين والأعراف الدولية تستند إلى فكرة الحق المقدس للرد على التهديد وتبرر الخطأ في وسيلة هذا الرد طالما أن الغاية كانت سليمة.
قد نقول إن ما تقوم به بعض المنظمات الفلسطينية عندما تستخدم العمليات الانتحارية لا يختلف عما تقوم به الولايات المتحدة واسرائيل اللتين تتعرضان بالمثل لحياة المدنيين بحجة خوض حرب دفاعية أو حرب مصير. فالحرب التي يخوضها الفلسطينيون هي أيضا حرب مصيرية تتعلق بوجود الشعب الفلسطيني نفسه كشعب منظم وحي وقائم على أرضه. وهي حرب تفرض عليه الاعتماد على كل الوسائل التي يمكنه استخدامها للدفاع عن نفسه. ولا يمكن للفلسطينيين أن يكونوا أكثر حرصا من الولايات المتحدة والمجموعة الدولية كلها التي تبرر لاسرائيل, بصورة مباشرة أو غير مباشرة عندما تصمت عن عمليات الانتقام والعقوبات الجماعية التي تصيب المدنيين الفلسطينيين, على احترام القوانين والأعراف الدولية في الوقت الذي يشكلون هم وحدهم أكبر ضحاياها الحاليين. والجواب أننا عندما نقوم بمثل هذه العمليات فنحن نخرق أيضا مباديء الأخلاق والأعراف الدولية والانسانية ونتصرف مثلهم تماما بمنطق الهمجية وينبغي أن ندرك ذلك حتى لا نخطئ كثيرا ونستسهل اختيار أساليب المقاومة وننسى الثمن الانساني الهائل الذي ندفعه في كل مرة نمس فيها مدنيا. ولا أعني هنا الثمن الخارجي ولكن الداخلي أيضا, أعني تجردنا نحن انفسنا عن إنسانيتنا من دون أن نشعر, تماما كما يحصل للاسرائيليين اليوم.
لكن إذا تركنا مسألة العمليات التي تستهدف المدنيين أو لا تأخذهم بالاعتبار فالأمر مختلف هنا كثيرا دون أن يكون بسيطا كما يتصوره البعض. فليس هناك أي قاعدة أخلاقية عالمية أو خاصة تحرم على شعب احتلت أرضه القيام بعمليات عسكرية, انتحارية كانت أم لا, تستهدف العسكريين ومن جرى مجراهم من عناصر ميليشيا المستعمرين. لكن حتى في هذا الميدان لا يمكن أن يكون الأمر طليقا تماما وإنما لا بد أن يخضع أيضا لاعتبارات سياسية. فحتى عندما تكون لدينا الشرعية الأخلاقية والقانونية, علينا أن نفكر طويلا قبل أن نغامر في إدخال أنفسنا في معارك يمكن أن تكون لها نتائج خطيرة على المجتمع بأسره. فالمباح أخلاقيا ليس بالضرورة مجز سياسيا, أو على الأقل ليس في كل الظروف وبصرف النظر عن المكان والزمان.
كما أن من الممكن أن يكون العمل متماشيا مع مباديء الأخلاق كما هو متماش مع مباديء السلوك السياسي والقانوني السليم, أي مع الشرعية الدولية والحكومية, لكنه لا يتماشى مع منطق الانجاز ولا يساعد على الوصول إلى الغاية التي تنوى الجماعة الوصول إليها. وفي هذه الحالة فهو غير ناجع استراتيجيا ونحن نصفه بأنه خطأ استراتيجي لا خطأ سياسيا ولا أخلاقيا. وبالعكس من ذلك قد يحقق العمل نجاحات استراتيجية كبيرة بالرغم من أنه عملا غير أخلاقي وغير شرعي سياسيا. ولا نستطيع أن نأتي هنا بمثال أفضل من مثال الاستعمار الصهيوني لفلسطين نفسه. فمن الصعب القبول أخلاقيا بإحلال شعب مكان شعب آخر, مهما كان حجم الفظائع التي ارتكبت بحق الشعب الدخيل, كما أنه من الصعب سياسيا إضفاء أي مشروعية من أي نوع كانت على عمل استعماري استيطاني قام على مصادرة أراضي الآخرين وتشريدهم وإرهابهم بالمذابح الجماعية ليتخلوا عن حقوقهم ويتركوا وطنهم.
بالتأكيد إذن أن أحدا لا يستطيع أن ينكر لا أخلاقية العمليات التي تستهدف المدنيين من دون أن يلغي مفهوم الأخلاق ذاته. لكن حتى من الناحية السياسية هناك مجال كبير للنقاش في جدوى مثل هذه العمليات. فإذا كان من المؤكد أنها تشكل ضغطا كبيرا على الرأي العام في الدولة الخصم وتذكره بأن للاحتلال أو للقبول به او الصمت عنه ثمن كبير وأن من الضروري التحرك لاتخاذ موقف منه - أي أنها تجبر جميع الاسرائيليين على مساءلة ضميرهم وأنفسهم حول حقيقة الاحتلال الذي تحول إلى أمر عادي وطبيعي مرتبط بنمو المستعمرات وغاب عن ذهن الاسرائيليين وجود شعب آخر يعاني بسبب هذا النمو ذاته وفي سبيله - إلا أنه من المؤكد أيضا أن مثل هذه العمليات يمكن أن تكون مرتفعة التكاليف على القضية الفلسطينية. وربما دفعت قسما كبيرا من الرأي العام الدولي والاقليمي إلى التخلي عنها أو الوقوف ضدها أو مطابقتها مع عمليات وحركات الارهاب. وفي هذه الحالة يمكن لخسارة الرأي العام العالمي أن تكون ذات أثر سلبي أكبر من الأثر الايجابي الذي ينتظره مبرروها من تغير موقف الرأي العام الاسرائيلي.

لكن بالمقابل ينبغي على الرافضين للعمليات جملة وتفصيلا أن يدركوا أيضا أنه إذا كان من الواضح أن استهداف المدنيين عمل لا أخلاقي من أي طرف جاء ولأي هدف حصل وفي أي ظروف, وإذا كان من الواضح أيضا أن هناك أطرافا تستطيع أن تحتمل عتبة انتهاكات أكبر بكثير من غيرها للمحرمات الأخلاقية من دون أن تدفع ثمنا سياسيا مقابلا لها- وبالتالي أن تنجح في تمرير همجيتها ووحشيتها على الرأي العام وتفيد منها سياسيا مثل الولايات المتحدة في حرمانها أسرى الطالبان والقاعدة مثلا من قبل الأمريكيين من الحقوق الطبيعية التي نصت عليها اتفاقات جنيف بشأن الحرب, واسرائيل بتنكيلها بالفلسطينيين وتدمير بنية مجتمعهم لتفكيكه ودفع أكبر عدد منهم للهجرة ومغادرة البلاد لتوطين مهاجرين يهود في مكانهم - أقول إذا كان ذلك واضحا بالفعل إلا أن ذلك لا ينبغي أن يدفع إلى الاستنتاج بأن أي عمليات عنف مضرة بالقضية السياسية وأن يعطي للصراع مضمونا ملائكيا ينفي مردود الأعمال العنيفة الاستراتيجي. وأكبر مثال على هذا ما تقوم به الولايات المتحدة واسرائيل نفسيهما. فبالرغم من الخسائر السياسية التي يجلبها يساهم الضرب بعنف ومن دون رحمة ولا تمييز والاستهتار بالقوانين والأعراف الدولية في العراق أو أفغانستان في تقديم صورة عن الولايات المتحدة الأمريكية للرأي العام الدولي مطابقة للقوة التي تملي قانونها على الخصم والعالم من دون أن تسأل عن النتائج. إنه يجعل منها إذن قوة فوق جميع القوى وفوق القانون الذي تخضع له القوى الأخرى ويؤكد بالتالي سطوتها وزعامتها التي لا تناقش. وبالمثل إن العنف الجماعي والدائم ضد الفلسطينيين بالرغم من أنه لم ينجح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني إلا أنه نجح حتى الآن في تعزيز المشروع الاستيطاني الصهيوني ليس داخل الأرض المحتلة قبل 1948 فحسب ولكن في الأراضي المحتلة بعد 1967 وهو بهدد بابتلاع القسم المتبقي من فلسطين من قبل هذا المشروع نفسه.
وإذا كان من الصحيح أنه في قضية مثل القضية الفلسطينية ليس لنا امل كبير في التقدم نحو أهدافنا من دون كسب الرأي العام الدولي لصفنا بل جزءا مهما من الرأي العام الاسرائيلي, إلا إنه لا يمكن أيضا المراهنة على الدعم العالمي وحده لتحقيق أهداف بوزن الأهداف الفلسطينية في مواجهة التكتل الصهيوني العالمي. ومن الممكن أن لا يكون لموقف الرأي العام الدولي أثر مهم أيضا في كسر التعنت الاسرائيلي. وتنديد الرأي العام الدولي بسياسة الولايات المتحدة تجاه العراق لم يمنع واشنطن مثلا من النجاح في تحييد العراق وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط لضمان سيطرتها على الموقف وحماية الأمن الاسرائيلي والمصالح النفطية معا.
والقصد أن من الممكن أن نتصور وضعا لا يكون فيه الثمن السياسي والثمن الأخلاقي بالرغم من ارتفاعهما معيقين لاتخاذ قرارات تبدوا ذات نجاعة وجدوى من الناحية الاستراتيجية. فمن منطق الاستراتيجية المهم هو تحقيق الهدف فحسب. وهو ما تفعله الحكومة الاسرائيلية تماما اليوم ضاربة عرض الحائط جميع المعايير الأخلاقية وكافة الاحتجاجات والانتقادات الدولية في سبيل ربح معركة كسر إرادة الشعب الفلسطيني والقضاء على المقاومة التي هي في الحقيقة ذروة أربعين عاما من الثورة الفلسطينية على الاحتلال.

والنتيجة أنه لا ينبغي الخلط بين السياسة والاستراتيجية والأخلاق. فإذا كانت الهمجية, أي قتل الأبرياء, مسيئة لا محالة لأي قضية أخلاقيا وسياسيا فإنها ليست بالضرورة معدومة المردود استراتيجيا. ولو كان الأمر كذلك بالفعل لما بحثت الدول عن تعظيم ترسانة الحرب لديها ولما اختارت الأسلحة التي نسميها أسلحة الدمار الشامل التي تهدد ملايين البشر دفعة واحدة وهم بالضرورة من الأبرياء والمدنيين معا. فبعكس ما يمكن أن يفهم من خطاب السياسة الحديثة الظاهري لا يزال التهديد بقتل الأبرياء, وأكبر عدد ممكن منهم, هو سلاح الردع الرئيسي في العالم الحديث وقاعدة بناء ميزان القوة الاستراتيجي. وهذا هو مضمون القوة اليوم بالحسابات الاستراتيجية. والذين يقولون لخصومهم, من الدول أو الحكومات, أنكم لن تريحوا شيئا بالعنف ولكن فقط بالمفاوضات, وفي الوقت نفسه يبيدونهم بذريعة وقف العنف أو الارهاب أو العدوان على الشرعية أو الدستور, هم أولئك الذين يرفضون أي مفاوضات جدية ويسعون إلى الحفاظ على التفوق الاستراتيجي المطلق حتى يتاح لهم قرض شروطهم على الغير وتجنب القبول بحلول وسطى وتسويات مقبولة من الطرفين. وينبغي اعتبارهم هم المسؤولون الحقيقيون عن انفلات العنف اللاشرعي وغير الرسمي والأعمى معا, أي عن تنامي الارهاب.